[لكل غادر لواء عند اسْتِه يوم القيامة يُرْفَعُ له بِقَدْرِ غَدْرِه، ألا ولا غادِرَ أعظمُ غدرًا من أمير عامة] (١).
الحديث الثالث: أخرج أبو داود والحاكم بسند صحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [المسلمون على شُروطهم] (٢).
الحديث الرابع: أخرج ابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - ﷺ -: [مَنْ غَشَّنَا فليس منا، والمكر والخداعُ في النار] (٣).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾. قال ابن كثير: (تهديد ووعيد لمن نقضَ الأيمانَ بعد توكيدها).
وقوله: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ﴾. قال السدي: (هي خَرْقَاءُ بمكة كانت إذا أبرمت غزلها نقضته). وقال قتادة: (فلو سمعتم بامرأة نقضت غزلها من بعد إبرامه لقلتم: ما أحمق هذه! وهذا مثل ضربه الله لمن نكث عهده). وقال مجاهد: (غزلها: حبلها، تنقضه بعد إبرامها إياه، ولا تنتفع به بعد). وقوله: ﴿أَنْكَاثًا﴾ يعني: أنقاضًا. والمقصود نقض العهد. قال ابن جرير: (﴿تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ﴾: تجعلون أيمانكم التي تحلفون بها على أنكم موفون بالعهد لمن عاقدتموه ﴿دَخَلًا بَيْنَكُمْ﴾ يقول: خديعة وغرورًا ليطمئنوا إليكم، وأنتم مضمرون لهم الغدر، وترك الوفاء بالعهد، والنُّقلة عنهم إلى غيرهم من أجل أن غيرهم أكثر عددًا منهم).
وعن ابن عباس: (﴿أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ﴾ يقول: أكثر) أو قال: (يقول: ناس أكثر من ناس). قال مجاهد: (كانوا يحالفون الحلفاء، فيجدون أكثر منهم وأعزّ، فينقضون حِلْفَ هؤلاء، ويحالفون هؤلاء الذين هم أعزّ منهم، فنهوا عن ذلك). وعن قتادة: (﴿تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ﴾ يقول: خيانة وغدرًا بينكم ﴿أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ﴾ أن يكون قوم أعزّ وأكثر من قوم).

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه - حديث رقم - (١٧٣٨) (١٦).
(٢) حديث صحيح - أخرجه أبو داود في السنن (٣٥٩٤) - كتاب الأقضية، باب في الصلح. وانظر صحيح سنن أبي داود - حديث رقم - (٣٠٦٣).
(٣) حديث صحيح. أخرجه ابن حبان (١١٠٧)، والطبراني في "المعجم الصغير" ص (١٥٣)، وفي "المعجم الكبير" (٣/ ٦٩/ ١). وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة - حديث رقم - (١٠٥٨).


الصفحة التالية
Icon