الأمة الذي يعلم الناس الخير. والقانت: المطيعُ لله ورسوله. وكذلك كان معاذ يُعَلّم الخير، وكان مطيعًا لله ورسوله).
وقال مجاهد: (كان إبراهيم أمة، أي: مؤمنًا وحده، والناس كلهم إذ ذاك كفّار).
وقوله: ﴿حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾. الحنيف: المُنْحَرِفُ قَصْدًا عن الشرك إلى التوحيد. قال ابن جرير: (وهذا إعلامٌ من الله تعالى أهل الشرك به من قريش أن إبراهيم منهم بريء، وأنهم منه برآء).
وقوله: ﴿شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ﴾. أي: قائمًا بمقتضى نعم الله عليه من الشكر والإخلاص في العبادة. كما قال تعالى: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾ [النجم: ٣٧].
وقوله: ﴿اجْتَبَاهُ﴾. أي: اصطفاه للنبوة، واختاره للخُلّة.
وقوله: ﴿وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. أي: أرشده إلى الدين الحق - دين الإسلام - ليعبد ربه على شرع قويم ومنهاج سليم، بعيدًا عن الشبهات والشهوات والأهواء التي انخرط بها أكثر الناس، من أهل الكتاب وغيرهم.
وقوله: ﴿وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾. قال مجاهد: (لسان صدق). وقال قتادة: (فليس من أهل دين إلا يتولاه ويرضاه). قال ابن كثير: (أي: جَمَعْنا له خَيْرَ الدنيا من جميع ما يحتاجُ المؤمن إليه من إكمال حياته الطيبة).
وقوله: ﴿وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾. قال النسفي: (لمن أهل الجنة). وقال ابن جرير: (يقول: وإنه في الدار الآخرة يوم القيامة لمن صلح أمره وشأنه عند الله، وحسُنت فيها منزلته وكرامته).
وقوله: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.
دليل على كمال دين إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - وصحة منهجه، واستقامة مِلّته وتوحيده. فإن الله تعالى جعله أسوة في سلامة الدين وصحة المنهج، حتى أوحى إلى خاتم الأنبياء والمرسلين بالتزام ذلك الصراط المستقيم.
وفي التنزيل: قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ١٦١].
حنيفًا: أي مسلمًا على الدين الذي كان عليه إبراهيم عليه السلام، متبرئًا