لقد كان الإسراء والمعراج بالروح والجسد، لا بالحلم والنوم، وإلا لم يكن له معنى التحدي والإعجاز، وقد تواترت نصوص الكتاب والسنة على إثبات ذلك، وقد هيّأ الله تعالى نبيّه - ﷺ - لتلك الرحلة المعجزة:
يروي البخاري عن أنس عن مالك بن صعصعة أنَّ رسول الله - ﷺ - حدّثهم عن ليلة أسري به قال: [بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان أتاني آت، فشق ما بين هذه إلى هذه - يعني ثغرة نحره إلى شعرته - فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانًا، فغسل قلبي ثم حُشي ثم أعيد] (١).
فإلى تفصيل هذه الرحلة النبوية العظيمة، وهذا المؤتمر الكبير الذي حضره الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين:
أخرج البخاري ومسلم - واللفظ لمسلم - عن أنس، أنّ رسول الله - ﷺ - قال: [أُتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه، فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل: اخترت الفطرة. ثم عرج بنا إلى السماء فاستفتح جبريل فقيل له: من أنت؟ قال جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بُعِثَ إليه؟ قال: قد بُعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحَّبَ بي ودعا لي بخير - وفي رواية البخاري: (وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به فنعم المجيء جاء. ففتح فلما خَلَصْتُ فإذا فيها آدم. فقال: هذا أبوك فسلِّم عليه، فَسَلَّمْتُ عليه فردَّ السلام ثم قال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح) - ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل عليه السلام فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بُعِثَ إليه؟ قال: قد بُعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة عيسى بن مريم، ويحيى بن زكريا فرحبا بي ودعوا لي بخير. (وفي رواية البخاري: فقالا: مرحبًا بك من أخ ونبي). ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بيوسف، فإذا هو قد أعطي شطرَ الحسن فرحب بي ودعا لي بخير. (قال: مرحبًا بك من أخ ونبي) (مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح). ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة،

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح - حديث رقم - (٣٢٠٧)، كتاب بدء الخلق.


الصفحة التالية
Icon