لقتالكم قومًا ذوي قوة وبطش وبأس في الحرب فيقتحمون أماكنكم ومحالكم للقتل والسبي والنهب، وعد الله ولا يخلف الله الميعاد.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا﴾. قال قتادة: (ثم رددت الكرة لبني إسرائيل). وقال ابن زيد: (جعلناكم بعد هذا أكثر عددًا).
والمعنى: إن بني إسرائيل لما طغوا وتمردوا وقتلوا الأنبياء والعلماء، قيل: سلط الله عليهم جالوت وجنوده، ثم ردّ لهم الكرّة فقتل داود (١) جالوت. وقيل: سلط الله عليهم "بُخْتَنَصَّر" ملك بابل. قال سعيد بن المسيب: (ظهر بختنصر على الشام، فخرب بيت المقدس وقتلهم).
وقوله تعالى: ﴿إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾.
أي: إن أحسنتم يا بني إسرائيل، فأطعتم الله وأصلحتم أمركم فإنكم تحسنون لأنفسكم، فهذا هو ما ينفعكم في الدنيا والآخرة، وإن أسأتم بارتكابكم المعاصي والآثام، وما يسخط الرحمن، انقلب وبال ذلك عليكم في الدنيا والآخرة، فإذا جاء ميقات المرة الآخرة من مرتي إفسادكم في الأرض ﴿لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ﴾. قال ابن جرير: (يقول: لِيَسوءَ مجيء ذلك الوعد للمرّة الآخرة وجوهكم فيقبّحها). وليدخلوا المسجد كما دخله العدو قبل ذلك وليدمروا ما علوا تدميرًا.
وقوله تعالى: ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾.
قال النسفي: (عسى ربكم أن يرحمكم بعد المرة الثانية إن تبتم توبة أخرى وانزجرتم عن المعاصي، ﴿وَإِنْ عُدْتُمْ﴾ مرة ثالثة، ﴿عُدْنَا﴾ إلى عقوبتكم، وقد عادوا فأعاد الله عليهم النقمة بتسليط الأكاسرة وضرب الإتاوة عليهم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: سُلِّطَ عليهم المؤمنون إلى يوم القيامة ﴿وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾ محبسًا، يقال للسجن محصر وحصير).
وقال ابن عباس: (﴿حَصِيرًا﴾ أي: سجنًا). وقال مجاهد: (يُحصرون فيها). وقال