وقد أخرج أبو نعيم في "أخبار أصبهان"، وأحمد في المسند، عن أبي هريرة مرفوعًا: [أطفال المسلمين في جَبَل في الجَنَّةِ يَكْفُلُهم إبراهيمُ وسارةُ حتى يدفعونهم إلى آبائهم يوم القيامة] (١).
وفي لفظ أحمد: [ذراري المسلمين في الجنة، يكفلهم إبراهيم عليه السلام].
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾.
يعود تأويل هذه الآية إلى طريقة قراءة قوله: ﴿أَمَرْنَا﴾، فالله تعالى لا يأمر بالفسق والفحشاء والفساد والإفساد.
فقد قرأها قرّاء الحجاز والعراق بالتخفيف: ﴿أَمَرْنَا﴾، في حين قرأها أبو عثمان بالتشديد: "أمَّرْنا". وذكر عن الحسن البصري أنه قرأها: "آمَرْنا". فيكون المعنى وفقًا لذلك:
التأويل الأول: ﴿أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا﴾. قال ابن عباس: (بطاعة الله، فعصوا) - واختاره ابن جرير.
التأويل الثاني: "أمَّرْنا مترفيها" مشدّدة من الإمارة. قال الربيع بن أنس: (سَلَّطنا). وقال أبو العالية: (جعلنا عليها مترفيها: مستكبريها). وكذلك روي عن ابن عباس قال: (سَلَّطنا أشرارها فعصوا فيها، فإذا فعلوا ذلك أهلكتهم بالعذاب). وقال مجاهد: (أمَّرنا مترفيها: بعثنا).
التأويل الثالث: "آمَرْنا مترفيها" بمعنى أكثرنا فسقتها. قال عكرمة: (أكثرناهم). وقال الضحاك: (أكثرنا مترفيها: أي كبراءها). وقال قتادة: (يقول: أكثرنا مترفيها: أي جبابرتها، ففسقوا فيها وعملوا بمعصية الله ﴿فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾. وكان يقال: وإذا أراد أن يهلكها أكثر مترفيها).
وقوله تعالى: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا﴾. وعيد من الله تعالى لمشركي قريش في تكذيبهم نبيهم - محمدًا - ﷺ - وتهديد لهم بالعقاب. قال القرطبي: (أي كم من قوم كفروا حلّ بهم البوار. يخوّف كفار مكة).