فقد أخرج ابن ماجه بسند حسن عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله - ﷺ -: [مَنْ قَتَلَ عَمْدًا، دُفِعَ إلى أولياء القتيل. فإن شاؤوا قَتَلوا، وإنْ شاؤوا أخذوا الدية. وذلك ثلاثون حِقَّةً، وثلاثون جَذَعَةً، وأربعونَ خَلِفَةً. وذلك عَقْلُ العَمْدِ. ما صُولِحوا عليه، فهو لهم. وذلك تشديد العَقْلِ] (١).
وقوله: ﴿فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ﴾ - فيه ثلاثة أقوال متكاملة.
١ - لا يقتل غير قاتله. قاله الضحاك والحسن ومجاهد وسعيد بن جبير.
٢ - لا يقتل بدل وليِّه اثنين كما كانت العرب تفعله. قال مجاهد: (لا يسرف القاتل في القتل). وقال الحسن: (كان الرجل يُقتل فيقول وليه: لا أرضى حتى أقتل به فلانًا وفلانًا من أشراف قبيلته). وقال سعيد بن جبير: (لا تقتل اثنين بواحد).
٣ - لا يُمَثَّل بالقاتل. قال طلق بن حبيب: (﴿فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ﴾: لا تقتل غير قاتله، ولا تُمَثِّلْ به). وقال قتادة: (لا تقتل غير قاتلك، ولا تمثِّل به).
وقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾. قال مجاهد: (إن المقتول كان منصورًا). وقيل المراد الولي وهو أقرب للسياق. قال ابن كثير: (أي: إن الولي منصورٌ على القاتل شرعًا، وغالبًا قَدَرًا).
وقوله: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾. قال النسفي: (أي: بالخصلة والطريقة التي هي أحسن، وهي حفظه وتثميره).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٢].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ٦].
وفي صحيح مسلم عن أبي ذرٍّ، أن رسول الله - ﷺ - قال: [يا أبا ذَرٍّ! إني أراك

(١) حديث حسن. أخرجه ابن ماجه في السنن - حديث رقم - (٢٦٢٦) - كتاب الديات. باب من قتل عمدًا، فرضوا بالدية. والحِقّة من الإبل ما طعن في السنة الرابعة، والجذعة ما طعن في الخامسة، والخَلِفَة: الحامل منها.


الصفحة التالية
Icon