الحديث السادس: أخرج ابن ماجه بسند حسن عن أبي قتادة قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول، على هذا المنبر: [إياكم وَكَثْرَةَ الحديث عني. فمن قال عليَّ فليقُل حقًّا أو صِدْقًا. ومَنْ تقوَّلَ عليَّ ما لم أقُلْ، فليتبوأ مَقْعَدَهُ من النار] (١).
وقوله: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾. قال ابن جرير: (معناه: إن الله سائل هذه الأعضاء عما قال صاحبها، من أنه سمع أو أبصر أو علم، تشهد عليه جوارحه عند ذلك بالحق).
وقوله: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾. أي: متبخترًا متكبرًا متمايلًا كتمايل أهل العُجُب والتجبُّر. وقوله: ﴿إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ﴾ أي: إنك لن تقطع الأرض باختيالك. قال النسفي: (لن تجعل فيها خرقًا بدوسك لها وشدة وطأتك). وقوله: ﴿وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾. قال قتادة: (يعني بكبرك وموحك). وقال: (لا تمش في الأرض فخرًا وكبرًا، فإن ذلك لا يبلغ بك الجبال، ولا تخرق الأرض بكبرك وفخرك). وقيل: بل المقصود لن تحاذي الجبال قوة.
وفى التنزيل: قول لقمان لابنه: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ [لقمان: ١٨].
وفي السنة المطهرة من آفاق مفهوم هذه الآية أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن حارثة بن وهب قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عُتُلٍّ جوّاظ مستكبر] (٢).
الحديث الثاني: خرّج مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود، عن النبي - ﷺ - قال: [لا يدخل الجنة من كان في قلبه مِثقالُ ذرة من كِبر. فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة؟ قال: إن الله جميلٌ يحب الجمال، الكبر بطرُ الحق وغمْطُ الناس] (٣).
الحديث الثالث: أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله - ﷺ - قال:
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٨/ ٥٠٧ - ٥٠٨)، (١٠/ ٤٠٨)، وأخرجه مسلم (٢٨٥٣).
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٩١)، وأخرجه أبو داود (٤٠٩١)، وأخرجه الترمذي (١٩٩٩).