أراه الله ليلة الإسراء عجائب قدرته، وشجرة الزقوم التي هي طعام أهل الشرك الذين يزدادون طغيانًا وعتوًا، وعذاب الله سيحيط بهم قريبًا.
فقوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا﴾. المعنى: يقول جل ذكره: ما من قرية إلا نحن مهلكو أهلها بالفناء - أي الموت - فمبيدوهم استئصالًا قبل يوم القيامة، أو معذبوها ببلاء كقتل بالسيف أو غير من ذلك من صنوف العذاب عذابًا شديدًا. قضاء الله وحكمه وكتابته ذلك في اللوح المحفوظ.
قال قتادة: (قضاء من الله كما تسمعون ليس منه بدّ، إما أن يهلكها بموت، وإما أن يهلكها بعذاب مستأصل إذا تركوا أمره وكذبوا رسله).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (٨) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا﴾ [الطلاق: ٨، ٩].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [هود: ١٠٢].
ومن صحيح السنة في ذلك:
الحديث الأول: أخرج أحمد والحاكم بسند صحيح عن عائشة، عن النبي - ﷺ - قال: [إذا ظَهَرَ السوء في الأرض أنزل الله بأسه بأهل الأرض، وإن كان فيهم قوم صالحون، يصيبهم ما أصابَ الناسَ، ثم يرجعون إلى رحمة الله ومغفرته] (١).
الحديث الثاني: أخرج الطبراني بسند صحيح عن ابن عباس، عن النبي - ﷺ - قال: [إذا ظهر الزِّنا والرِّبا في قرية، فقد أحلُّوا بأنفسهم عذاب الله] (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴾.

(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٦/ ٤١)، والحاكم (٤/ ٥٢٣)، وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (٢/ ٤٤١/ ٢)، عن عائشة مرفوعًا. وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٣٧٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه الطبراني والحاكم عن ابن عباس. انظر صحيح الجامع (٦٩٢)، وكتابي: أصل الدين والإيمان - (٢/ ١٢١٠) - لتفصيل مفهوم الآية وعلاقتها بالقدر.


الصفحة التالية
Icon