ذلك دونهم، لعله يَرْعَوي إلى بعض ما يسمَع فينتفع به، ﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾] (١).
وقوله: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ﴾.
تنزيهٌ من الله تعالى لنفسه الكريمة عن النقائص، بعد إثبات صفات الجمال والكمال والأسماء الحسنى. قال ابن جرير: (لأن ربّ الأرباب لا ينبغي أن يكون له ولد. ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ﴾ فيكون عاجزًا ذا حاجة إلى معونة غيره ضعيفًا، ولا يكون إلهًا من يكون محتاجًا إلى معين على ما حاول، ولم يكن منفردًا بالمُلك والسلطان).
وقوله: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ﴾. قال مجاهد: (لم يُحالف أحدًا، ولا يبتغي نَصْر أحد). وقال ابن كثير: (أي: ليس بذليل فيحتاج إلى أن يكون له وَلِيٌّ أو وزيرٌ أو مُشِيرٌ، بل هو تعالى خالقُ الأشياء وحدَه، لا شريكَ له ومقَدِّرها ومُدَبِّرها بمشيئته وحدَه، لا شريك له).
وقوله: ﴿وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾. أي: عظِّمه وأَجِلَّه تعظيمًا يليق بجلاله، وإجلالًا يليق بجماله وكماله.
وفي مسند الإمام أحمد وسيرة ابن هشام من حديث عدي بن حاتم - لما قدم على رسول الله - ﷺ - بعد أن فرّ منه - قال: [وجلست بين يديه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما يُفِرُّك! ؟ أَيُفِرُّك أن تقول: لا إله إلا الله، فهل تعلم من إله سوى الله؟ قال: قلت: لا. قال: ثم تكلم ساعة، ثم قال: إنما تَفِرُّ أن يُقال: الله أكبر، وهل تعلم شيئًا أكبرُ من الله؟ قال: قلت: لا. قال: فإن اليهود مغضوب عليهم، وإن النصارى ضالون. قال: فقلت: إني حنيف مسلم. قال: فرأيت وجهَه ينبَسِطُ فرحًا..] الحديث (٢).
تم تفسير سورة الإسراء
بعون الله وتوفيقه، وواسع منِّه وكرمه
° ° °
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٣٧٨) ورجاله ثقات، وانظر سيرة ابن هشام (٢/ ٥٧٨ - ٥٨١)، وكتابي: السيرة النبوية - على منهج الوحيين: القرآن والسنة الصحيحة - (٣/ ١٤٦٨ - ١٤٧٢).