وقوله: ﴿وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ﴾. قال سعيد بن جبير: (في مكان داخل).
أي: هم في متسع منه داخلًا، بحيث لا يَمسّهم حر الشمس الذي لو أصابهم لأحرق ثيابهم وأجسامهم.
وقوله: ﴿ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ﴾. قال النسفي: (أي ما صنعه الله بهم من ازورار الشمس وقرضها طالعة وغاربة آية من آيات الله). وقال ابن كثير: (﴿ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ﴾، حيث أرشدهم تعالى إلى هذا الغار الذي جعلهم فيه أحياء، والشمس والريح تدخل عليهم فيه لتبقى أبدانُهم).
وقوله: ﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾.
أي: من يهد الله إلى الحق فيوفقه لسلوك سبيله فهو المهتدي حقًا، شأن هؤلاء الفتية الذين أرشدهم سبحانه إلى طريق الهداية والنجاة من بين قومهم، ومن يضلل الله عن سبيله ممن أهملوا سبيل الحق والتماسه من الله تعالى بالرجاء والدعاء، فلن تجد له ناصرًا ومؤيدًا وهاديًا ومعينًا.
وقوله: ﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ﴾. قال القاسمي: (خطاب لكل أحد. أي: تظنهم، يا مخاطب، أيقاظًا لانفتاح أعينهم، وهم رقود مستغرقون في النوم، بحيث لا ينبههم الصوت).
وقوله: ﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾. أي: نقلبهم أثناء نومهم مرة للجنب الأيمن، ومرة للجنب الأيسر. قال سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (لو أنهم لا يقلَّبون لأكلتهم الأرض).
وقوله: ﴿وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ﴾. قال ابن هشام: (الوصيد الباب).
قال القرطبي: (والوصيد أيضًا الفناء). وعن ابن عباس: (﴿وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ﴾ قال: بالباب، وقالوا بالفناء).
وقوله: ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا﴾.
أي: لو نظر إليهم أحد وهم في أثناء رقدتهم لولّى هاربًا من هيبة المنظر، ولاعتراه من الذعر والرعب الكثير، لما ألبسوا من الحال المهيب لئلا يدنو منهم أحد ولا تمسهم يد لامس، حتى يقضي الله بحكمته أجلًا ضربه لذلك.