التي أعدّها الله للكافرين بربهم، وذلك فيما قيل: حائط من نار يطيف بهم كسرادق الفسطاط).
وقوله: ﴿وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ﴾.
المهل: سائل أسود مُنْتِنٌ غليظٌ حارٌّ، يشوي وجه الكافر إذا قرّبه من وجهه ليشرب منه. قال ابن عباس: (المهل: ماء غليظ مثل دُرْدِيِّ الزيت). وقال مجاهد: (هو كالدم والقيح). وقال عكرمة: (هو الشيء الذي انتهى حَرُّه). وقال الضحاك: (ماء جهنم أسود، وهي سوداء، وشجرها أسود، وأهلها سود). وكلها أقوال متكاملة.
والمعنى: هذا غياث الظالمين في نار جهنم من شدة العطش، فإنه إذا طلبوا الماء يغاثون بماء المُهْل الذي يشوي الوجوه ويسقط ما عليها من لحم وجلد من شدة حرّه.
وقوله: ﴿بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا﴾.
أي: بئس الشراب هذا الماء الملتهب الذي يغاث به أهل جهنم، وساءت النار لهم متكأ ومنزلًا ومقيلًا. قال مجاهد: (﴿مُرْتَفَقًا﴾: أي مجتمعًا). والارتفاق لغة من المرفق أو الرفق. قال الرازي: (مُرتَفِقًا: أي مُتَّكِئًا على مِرْفق يده). والعرب تقول: ارتفق فلان أىِ: اتكأ. أو بات على مرفقه لا يأتيه نوم.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾.
بيان لحال السعداء بعد ذكر حال الأشقياء، فالمؤمنون الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين وعملوا على منهاج النبوة أولئك يحفظ الله لهم أجور أعمالهم ليوافيهم بها.
وقوله: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾. أي: جنات إقامة. ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ﴾. أي: من تحت غرفهم ومنازلهم في صور بديعة وسعادة كبيرة.
وقوله: ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ﴾.
أي: يلبسون فيها من الحلي أساور من ذهب، ومن الثياب الديباج والحرير الأخضر اللون.
قال ابن كثير: (فالسندس: ثياب رِفاعٌ رِقاقٌ كالقمصان وما جَرَى مجراها، وأما الإستبرق فغليظ الديباج وفيه بريق).
وقوله: ﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا﴾.
قال قتادة: (﴿عَلَى الْأَرَائِكِ﴾: هي الحجال. قال معمر، وقال غيره: السُّرُرُ في


الصفحة التالية
Icon