أرجائهما. قال قتادة: (﴿وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا﴾: أي لم تنقص منه شيئًا).
وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾.
قرأ أهل الحجاز والعراق: ﴿ثُمُرٌ﴾. وقرأها غيرهم: ﴿ثُمْرٌ﴾، وقرأها آخرون: ﴿ثَمَرٌ﴾. فعلى القراءة الأولى قيل المراد المال. قال مجاهد: (﴿وكان له ثُمُرٌ﴾ قال: ذهب وفضة). وقال ابن عباس: (يعني أنواع المال). وقيل بل يدخل في المراد الثمار. قال قتادة: (الثمر من المال كله يعني الثمر، وغيره من المال كله).
وعلى القراءة الثانية: ﴿ثُمْرٌ﴾ جمع ثَمرَة. والمقصود الثمار.
والقراءة الثالثة: ﴿ثَمَرٌ﴾ بفتح الثاء والميم. وهي قراءة مشهورة. قرأها عاصم وشيبة ويعقوب وأبو جعفر وابن أبي إسحاق. والمقصود بالثمر جمع ثمرة.
قلت: والقراءة الثالثة: ﴿ثَمَرٌ﴾ أحبُّ إلي، وينصرف المعنى إلى الثمار وهو أنسب للسياق، لقوله تعالى بعدها: ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ﴾.
وعن قتادة: (﴿فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾: وتلك والله أمنية الفاجر: كثرة المال، وعزّة النفر).
وقوله تعالى: ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا﴾.
قال النسفي: (﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ﴾ وإحدى جنتيه، أو سماها جنة لاتحاد الحائط، وجنتين للنهر الجاري بينهما ﴿وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ ضار لها بالكفر ﴿قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا﴾ أي أن تهلك هذه الجنة، شك في بيدودة جنته لطول أمله وتمادي غفلته واغتراره بالمهلة، وترى أكثر الأغنياء من المسلمين تنطق ألسنة أحوالهم بذلك).
والخلاصة: هذه صورة غفلة المتكبر المتجبر إذا رأى المال والزروع والثمار والأنهار يتملك منها، فيحمله اغتراره على المبالغة في الكبر والعجب والكفر بالله ونعمه.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا﴾.
هو تتمة طغيان المتكبر الغافل، يحمله غرروه وما هو عليه من العجب على الكفر بالمعاد والحساب، وإن آمن به على سبيل الشك فيفترض لنفسه خير المنقلب عند ربه، قياسًا على ما هو فيه من الفتنة في الدنيا.
قال قتادة: (﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً﴾ كفور لنعم ربه، مكذّب بلقائه، متمنّ على


الصفحة التالية
Icon