٦٤ - ٦٨. قوله تعالى: ﴿وَيَاقَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (٦٤) فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (٦٥) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (٦٦) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٦٧) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ (٦٨)﴾.
في هذه الآيات: إجابة صالح - ﷺ - قومه عندما سألوه آية كحجة وبرهان على صدق دعوته ونبوته، فأعلمهم أن تلك الناقة آية لهم، رِزْقُها على الله، وإنما حذرهم من قتلها أو مسّها بسوء لئلا ينزل بهم عذاب من الله غير بعيد، فما كان منهم إلا أن عقروها وتجرؤوا على التحدي فأخبرهم: أن استمتعوا في دار الدنيا بحياتكم ثلاثة أيام، وعد من الله غير مخلوف. ولما جاء ميقات هلاكهم نجَّى الله صالحًا والمؤمنين برحمته وهو القوي العزيز، وأنزل بأسه بالقوم الظالمين فأخذتهم الصيحة فأصبحوا هلكى في ديارهم خامدين. كأن لم يغنوا بالأمس ألا إن ثمود عتوا عن أمر ربهم فأبعدهم ربهم من رحمته وأنزل بهم أليم عذابه.
وعن قتادة: (﴿تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ﴾، قال: بقية آجالهم). وعنه قال: (﴿بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ﴾، قال: نجاه الله برحمة منه، ونجاه من خزي يومئذ).
وقال النسفي: (﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ أي صيحة جبريل عليه السلام، ﴿فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ﴾ منازلهم ﴿جَاثِمِينَ﴾ ميتين).
وعن ابن عباس: (﴿كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا﴾، قال: كأن لم يعيشوا فيها).
وقال ابن جرير: (﴿أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ﴾، يقول: ألا إن ثمود كفروا بآيات ربهم فجحدوها، ﴿أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ﴾، يقول: ألا أبعد الله ثمود! لنزول العذاب بهم).
وقد سبق تفصيل هذه القصة في سورة الأعراف بما يغني عن إعادته هنا ولله الحمد والمنة.