بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١ - ٦. قوله تعالى: ﴿كهيعص (١) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (٣) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (٤) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (٦)﴾.
في هذه الآيات: إخبارُ الله تعالى عن مناجاة عبده زكريا، يشكو إلى ربه الوهن والضعف والمشيب المنذر بالرحيل، ولا وريث يحمل أمانة هذا الدين، فهو يسأل الله تعالى وريثًا على منهاج النبوة.
فقوله: ﴿كهيعص﴾ - هو على مفهوم الحروف المقطعة السابقة في أوائل السور. ومفاده الإعجاز لهذا الكتاب العظيم، المؤلف من هذه الحروف المعروفة، والتحدي قائم إلى قيام الساعة أن يأتي أحد بمثل هذا النظم الكريم.
وقوله تعالى: ﴿ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا﴾.
قال ابن كثير: (أي: هذا ذكر رحمة ربكَ بعبده زكريا).
وزكريا -عليه الصلاة والسلام- هو أحد أنبياء بني إسرائيل، وكان يأكل من عمل يديهِ في النِّجارة. وقد صنّف الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الفضائل بابًا سماهُ: "بابُ من فضائل زكرياء، - ﷺ -". روى فيهِ عن أبي هريرة، أن رسول الله - ﷺ - قال: [كان زَكَرِيَاءُ نَجَّارًا] (١). ورواه ابن ماجه بلفظ: [كانَ زَكريا نَجَّارًا].
وقوله تعالى: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾. قال ابن جريج: (لا يريدُ رياء).
(١) حديث صحيح. أخرج مسلم (٢٣٧٩)، كتاب الفضائل، وأخرجه أحمد (٢/ ٢٩٦ - ٤٠٥ - ٤٨٥)، وأخرجه ابن ماجه (٢١٥٠)، وأبو يعلى (٦٤٢٦).


الصفحة التالية
Icon