قال قتادة: (الزكاة: العمل الصالح). وقال ابن جريج: (العمل الصالح الزكيّ).
قال النسفي: ﴿وَزَكَاةً﴾ أي طهارة وصلاحًا فلم يعمد بذنب).
وقوله: ﴿وَكَانَ تَقِيًّا﴾. أي: مسلمًا مطيعًا. قال ابن عباس: (طهر فلم يعمل بذنب).
وقوله تعالى: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾. أي: كما أقام دينهُ وقام بطاعة ربه عز وجل، فإنّه جَمَعَ إلى ذلك بِرَّ الوالدين ومجانبة عقوقهما. قال القرطبي: (و ﴿جَبَّارًا﴾ متكبرًا. وهذا وصف ليحيى عليه السلام بلين الجانب وخفض الجناح). وقال القاسمي (﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾ أي: متكبرًا عاقًّا لهما، أو عاصيًا لربه).
وقوله تعالى: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾.
أي: وأمان عليهِ من الله في هذه المواطن الثلاثة، وهي أدقّ الأحوال في تاريخ الإنسان.
يروي ابن جرير بسندهِ عن سفيان بن عيينة يقول: (أوحش ما يكون الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد فيرى نفسهُ خارجًا مما كانَ فيهِ، ويوم يموت فيرى قومًا لم يكن عاينهم، ويوم يُبعثُ فيرى نفسهُ في محشر عظيم. قال: فأكرم الله فيها يحيى بن زكريا، فخصه بالسلام عليه، فقال: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾).
١٦ - ٢١. قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (١٦) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (١٧) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (١٩) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (٢١)﴾.
في هذه الآيات: عَطْفٌ على قصة زكريا -عليه السلام- وإيجاد الله منه الولد -الزكي الطَّاهر- حال كبره وعقم زوجته، بقصة مشابهة مناسبة للقران والمماثلة، وهي قصة مريم في إيجاده تعالى منها ولدها عيسى - عليهما السلام - من غير أب.