وقوله: ﴿وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى﴾. قال قتادة: (حين أخبروه انهم أرسلوا إلى قوم لوط، وانهم ليسوا إياه يريدون). وقال ابن إسحاق: (﴿وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى﴾ بإسحاق).
وقوله: ﴿يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾. قال مجاهد: (يخاصمنا).
وعن ابن إسحاق قال: (جادل عن قوم لوط ليرد عنهم العذاب).
وعن السدي فيها: (قال: ما خطبكم أيها المرسلون؟ قالوا: إنا أرسلنا إلى قوم لوط. فجادلهم في قوم لوط، قال: أرأيتم إن كان فيها مئة من المسلمين أتهلكونهم؟ قالوا: لا! فلم يزل يُحطّ حتى بلغ عشرة من المسلمين، فقالوا: لا نعذبهم، إن كان فيهم عشرة من المسلمين. ثم قالوا: "يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه ليس فيها إلا أهل بيت من المؤمنين"، هو لوط وأهل بيته) - والله تعالى أعلم (١).
والخلاصة: إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أخذ يحاول ردّ العذاب عن قوم لوط، ولكن أمر الله قد مضى في الانتقام منهم مقابل جرائمهم وبغيهم وعتوهم في الأرض.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ﴾. قال مجاهد: (﴿أَوَّاهٌ مُنِيبٌ﴾: القانت الرَّجَاع). وقال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: إن إبراهيم لبطيء الغضب، متذلل لربه، خاشع له، منقاد لأمره، ﴿مُنِيبٌ﴾، رجّاع إلى طاعته). قلت: وهذه صفات مدح وثناء على إبراهيم - عليه السلام - تتلوها الأجيال المتعاقبة إلى يوم القيامة.
وقوله تعالى: ﴿يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ﴾
أي: يا إبراهيم دع عنك هذا الجدال في مصير قوم لوط، فإنه قد نزل فيهم قضاء الله الذي لا رادّ له، وإنهم يمضون قريبًا نحو عذاب غير مدفوع.
قال النسفي: (﴿يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا﴾ الجدال وإن كانت الرحمة ديدنك ﴿إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ قضاؤه وحكمه). وقال القرطبي: (﴿وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ﴾ أي نازل بهم ﴿عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ﴾ أي غير مصروف عنهم ولا مدفوع).
٧٧ - ٧٩. قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧) وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ

(١) هناك أخبار في ذلك نحو ما مضى نقلها المفسرون من كتب بني إسرائيل والله أعلم بها.


الصفحة التالية
Icon