وقوله تعالى: ﴿فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾.
قال قتادة: (اختلفوا فيه فصاروا أحزابًا). ثم قال: (﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ شهدوا هولًا إذن عظيمًا).
قال ابن كثير: (أي: واختلفت أقوالُ أهل الكتاب في عيسى بعد بيان أمرِه ووضوح حاله، وأنه عبدُه ورسوله وكَلِمتُه ألقاها إلى مَرْيمَ وروحٌ منه، فَصَمَّمتْ طائفة -وهم جمهور اليهود، عليهم لعائن الله- على أنه ولدُ زنْيَة، وقالوا: كلامهُ هذا سِحْرٌ.
وقالت طائفة أخرى: إنما تكَلَّم الله. وقال آخرون: هو ابن الله. وقال آخرون: ثالث ثلاثة. وقال آخرون: بل هو عبد الله ورسوله. وهذا هو قولُ الحقِّ، الذي أرشد الله إليهِ المؤمنين).
وفي الصحيحين -واللفظ للبخاري- عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي - ﷺ - قال: [ليسَ أحدٌ - أو ليس شيءٌ - أصْبَرَ على أَذىً سمِعَه من الله، إنهم ليَدُعونَ له ولَدًا، وإنه ليعافيهم ويرزقهم] (١).
ورواه مسلم بلفظ: [ما أحدٌ أصبرَ على أذىً يسمعهُ، من الله عزَّ وجل، إنهم يجعلون له نِدًّا، ويجعلون لهُ ولدًا، وهو مع ذلكَ يرزقُهم، ويعافيهم، ويعطيهم].
وإنَّما النجاة من عذاب الله يوم القيامة بإقامة التوحيد لله وإثبات الرسالة للمرسلين، وقد صنف الإمام مسلم في صحيحه بابًا سمّاه: "باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا" -روى فيه عن عبادة بن الصامت رضي اللهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله - ﷺ -[من شهدَ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأنَّ محمدًا عبدهُ ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل، ورواه البخاري (٢).
٣٨ - ٤٠. قوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في صحيحه (٦/ ٣٤٢)، كتاب الأنبياء، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه. وأخرجه مسلم (٢٨) في الإيمان.