فلانًا فأبغضْهُ. قال: فيبغضُهُ جبريلُ. ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغِضُ فلانًا فأبغِضُوه. قال: فَيُبْغِضُه أهلُ السماء، ثم توضَعُ له البغضاء في الأرض] (١).
وفي جامع الترمذي بسند صحيح عن أبي هريرة، أن رسول الله - ﷺ - قال: [إذا أحَبَّ الله عَبْدًا نادى جِبْرَئيلَ: إني قَدْ أَحْبَبْتُ فُلانًا فأحِبَّهُ. قال: "فينادي في السماء، ثم تُنْزَلُ لهُ المحبّةُ في أهل الأرض، فذلك قوله الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾. وإذا أبْغَضَ الله عبدًا نادى جِبْرئيلَ: إني قدْ أبْغَضتُ فلانًا، فينادي في السماء، ثم تُنْزَلُ له البغضاء في الأرض] (٢).
وقوله تعالى: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾.
أي: إنما يسرنا هذا القرآن بلسانك يا محمد، وهو اللسانُ العربي المبين الفصيح الكامل، لتبشر به المؤمنين المخبتين لربهم بشائر الظفر والفوز في الدنيا والآخرة، وتنذر به قومًا مالوا عن الحق واختاروا طريقًا عوجا باطلًا. قال ابن عباس: (﴿قَوْمًا لُدًّا﴾: فجّارًا).
قال مجاهد: (﴿قَوْمًا لُدًّا﴾: لا يستقيمون). وقال السدي عن أبي صالح: (عُوجًا عن الحق). وقال الحسن: (صُمًّا عن الحق) وقال غيره: (صُمُّ آذان القلوب). وقال الضحاك: (الألدّ: الخصم). وقال القُرظي: (الألدّ: الكذاب).
وقال ابن زيد: (الألد: الظلوم، وقرأ قول الله: ﴿وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾ [البقرة: ٢٠٤]).
قلت: وأصل اللَّد: شدة الخصومة. قال الرازي: رجُل "ألَدُّ" بَيِّنُ "اللَّدَد" أي شديد الخصومة). وقوم لُدٌّ. أي أهل لدَد وجدل بالباطل، لا يقبلون الحق، والخطاب وإن كان لكفار قريش فإنه ينسحب على جميع الطغاة والكفرة إلى يوم القيامة.
وقوله تعالى: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا﴾.
أي: كم مضى من سنتنا في إهلاك أمم الكفر والطغيان، لما كذبوا الله والرسل الكرام، عليهم الصلاة والسلام، هل ترى منهم أحدًا يا محمد أو تسمع لهم صوتًا؟ !
(٢) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٣٣٨٤)، كتاب التفسير، سورة مريم، آية (٩٦). وانظر صحيح سنن الترمذي (٢٥٢٨)، وأصله في الصحيحين والمسند كما مضى.