ممن يخالف سره علنه، إن أريد إلا إصلاح أحوالكم لما يرضي ربكم، عليه توكلت وإليه أنيب. ويا قوم لا يحملنكم عداوتي على الإصرار على الكفر وظلم الناس أشياءهم، وإنما عليكم الاتعاظ بمن هلك من الأقوام قبلكم، فسارعوا إلى استغفار ربكم والتوبة إليه إن ربي رحيم تواب ودود.
فقوله: ﴿قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾. أي: أجابوه مستهزئين على سبيل التهكم. ﴿أَصَلَاتُكَ﴾ - قال الأعمش: (قراءتك). وفي لفظ: (قرآنك). وكان شعيب - صلوات الله وسلامه عليه - فيما ذكر كثير الصلاة.
قال القرطبي: (فلما أمرهم ونهاهم عيَّروه بما رأوه يستمر عليه من كثرة الصلاة، واستهزؤوا به). أي: هل صلاتك وقراءتك تأمرنا بترك عبادة الأصنام والأوثان! ! قال الحسن: (إي والله، إن صلاته لتأمرهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم).
وإنما أمرهم بتوحيد الله عز وجل، والتزام طاعته واجتناب نواهيه، ومن أخص ذلك ما هم عليه من الغش والتطفيف واللعب بالمكيال والميزان.
وقوله: ﴿أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ﴾. قال الثوري: (يعنون الزكاة).
وقال ابن كثير: (﴿أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ﴾، فنترك التَّطفيف على قولك، وهي أموالنا نفعل فيها ما نريد).
وقوله: ﴿إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾.
قال ابن جريج: (يستهزئون). وقال ابن زيد: (المستهزئون، يستهزئون: ﴿إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾).
قال ابن جرير: (فإنهم أعداء الله، قالوا ذلك له استهزاءً به، وإنما سَفَّهوه وجَهَّلوه بهذا الكلام).
وقوله: ﴿قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾. أي: ما ظنكم لو كنت على بصيرة وبرهان من ربي فيما أدعوكم إليه من إفراد الله تعالى بالعبادة، وحفظ الأموال وترك الغش والخداع.
وقوله: ﴿وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا﴾ - فيه قولان متكاملان:
١ - الرزق الحسن هو الرزق الحلال الطيب.
٢ - الرزق الحسن كناية عن النبوة.