وقوله: ﴿فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ﴾.
أي آثروا المضي خلف مسلك فرعون ومنهجه في البغي والظلم والضلال، وإن أمر فرعون كله جهل وعناد، وكفر وفساد، وما فيه حكمة أو علم أو هدى ورشاد.
وقوله تعالى: ﴿يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ﴾.
أي يقود قومه يوم القيامة فيمضي بهم إلى النار، وبئس الورد وبئس المصير.
قال قتادة: (﴿يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ يقول: يقود قومه. قال: فرعون، يقدم قومه يوم القيامة، يمضي بين أيديهم، حتى يهجم بهم على النار).
وعن ابن عباس: (قوله: ﴿يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ يقول: أضلَّهم فأوردهم النار. قال: ﴿الْوِرْدُ﴾ الدُّخول).
وعن الضحاك يقول في قوله: ﴿فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ﴾: (كان ابن عباس يقول: ﴿الْوِرْدُ﴾ في القرآن أربعة أوراد: في "هود" قوله: ﴿وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ﴾، وفي "مريم": ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾، وورد في "الأنبياء": ﴿حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾، وورد في "مريم" أيضًا: ﴿وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا﴾. كان ابن عباس يقول: كل هذا الدخول. والله ليردنَّ جهنم كل برٍّ وفاجر: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾ [مريم: ٧٢]).
وقوله تعالى: ﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ﴾.
أي: وأتبعهم الله تعالى - إضافة للعذاب الذي أهلكهم به في الدنيا بالغرق - لعنة، ويوم القيامة تنالهم لعنة أخرى، فبئس ما هم فيه من تتابع الطرد والشقاء.
قال مجاهد: (﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ﴾، اللعنة في إثر اللعنة). قال: (زيدوا بلعنته لعنة أخرى، فتلك لعنتان).
وعن ابن عباس: (﴿بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ﴾، قال: لعنة الدنيا والآخرة).
وعن قتادة قال: (ترادفت عليهم اللعنتان من الله، لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة).
وفي لغة العرب: الرِّفد: العطاء والصلة، ورفَدَه أعطاه وأعانه، والمقصود: ترادف إحدى اللعنتين الأخرى، من الله تعالى على فرعون وملئه، في الدنيا والآخرة.