قال: [ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سَلِّمْ سَلِّمْ] (١).
وقوله: "لا تكلم" الأصل لا تتكلم، وحذفت إحدى التاءين للتخفيف.
وقوله: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾. أي: من أهل الموقف بين يدي الله يوم القيامة شقي معذب وسعيد منعم، والشقي من كتبت عليه الشقاوة، والسعيد من كتبت عليه السعادة، والكتابة في ذلك عند الله كتابة علم لا كتابة قهر أو جبر.
ففي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾ [الشورى: ٧].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [الشمس: ٧ - ١٠].
٣ - وقال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ [الليل: ٥ - ١٠].
ومن كنوز السنة الصحيحة في آفاق هذا المعنى أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد والنسائي بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: [خرج علينا رسول الله - ﷺ - وفي يده كتابان، فقال أتدرون ما هذان الكتابان؟ قال: قلنا لا إلّا أن تُخبرنَا يا رسول الله، فقال للذي في يده اليمنى: هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أُجْمِلَ على آخرهم، فلا يُزَادُ فيهم ولا ينقصُ منهم أبدًا. ثم قال للذي في شماله: هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدًا. فقال أصحاب رسول الله - ﷺ -: فلأي شيء إذن نعملُ إنْ كان هذا أمرًا قد فُرِغَ منه؟ قال رسول الله - ﷺ -: سددوا وقاربوا، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل، وإن صاحب النار يختمُ له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل، ثم قال بيده فقبضها، ثم قال: فرغ ربكم عز وجل من العباد، ثم قال باليمنى فنبذ بها فقال: فريق في الجنة، ونبذ باليسرى فقال: فريق في السعير] (٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٢/ ١٦٧)، والنسائي في "الكبرى" (١١٤٧٣)، والترمذي (٢١٤١).