وفي لفظ من حديث ابن عمر: [ثم يذبَحُ، ثم ينادي مناد: يا أهل الجنة لا مَوْتَ، ويا أهل النار لا موتَ، فيزداد أهل الجنة فرحًا إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزنًا إلى حزنهم].
الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي - ﷺ - قال: [ينادي مُنادٍ: إنّ لكم أن تَصِحّوا فلا تَسْقَموا أبدًا، وإنَّ لكم أن تَحْيَوا فلا تموتوا أبدًا، وإنَّ لكم أن تشِبُّوا فلا تَهرموا أبدًا، وإنَّ لكم أن تَنْعَموا فلا تبأسوا أبدًا] (١).
الحديث الثالث: روى مسلم وغيره من أهل السنن عن أبي هريرة، عن النبي - ﷺ - قال: [مَنْ يَدْخُل الجنة يَنْعَمُ لا يَبْأسُ، لا تَبْلى ثيابُهُ ولا يفنى شبابُه] (٢).
١٠٩ - ١١١. قوله تعالى: ﴿فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (١٠٩) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١١٠) وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١١)﴾.
في هذه الآيات: إِثْباتُ الله لنبيّه فساد منهاج قومه في عبادتهم وأنهم سيجدون تمام جزائهم عند ربهم. وَتَسْلِيَةٌ له بذكر اختلاف الناس على رسولهم موسى - ﷺ - من قبل، وأنه لولا قضاء الله ببلوغ الكتاب أجله لعاجل المكذبين بالإهلاك. وإنما الفصل التام يوم يجمع الله الأولين والآخرين، فيقضي بينهم بحكمه وهو العليم الخبير.
فقوله: ﴿فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ﴾.
خِطَابٌ من الله تعالى لنبيه محمد - ﷺ -: فلا تك - يا محمد - في شك مما يعبد هؤلاء المشركون من قومك من الأوثان والآلهة والأصنام والطواغيت أنه ضلال وجهل وباطل وشرك بالله عز وجل. وهم بذلك إنما يقتفون منهاج آبائهم في فساد عبادتهم ولا يصدرون عن أمر الله عز وجل ووحيه ونور شرعه.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٨٣٦) - كتاب الجنة ونعيمها - الباب السابق. والحديث رواه أحمد (٢/ ٣٦٩)، والدارمي (٢/ ٣٣٢)، وبنحوه الترمذي وصححه ابن حبان.