الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [ما أذِنَ الله لشيءٍ ما أذِنَ لنبي حسنِ الصوتِ يتغنى بالقرآن يجهر به] (١).
وهو بمعنى: ما استمع الله لشيء من كلام الناس كما استمع لمن تغنى بالقرآن، إشارة إلى الرضى والقبول.
الحديث الثاني: أخرج مسلم وأحمد والنسائي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: [أنَّ رسول الله - ﷺ - قال له: لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود. فقال أبو موسى: لو علمت مكانك لحبَّرْتُ لك تحبيرًا] (٢).
وأصل الزمر الغناء، والمراد الصوت الحسن، وآل داود هو داود نفسه، وقوله "لحَبَّرتُ": يريد تحسين الصوت وتحزينه.
الحديث الثالث: أخرج أبو داود بسند صحيح عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: [زينوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوتَ الحسنَ يزيد القرآن حُسْنًا] (٣).
وقوله: ﴿وَكُنَّا فَاعِلِينَ﴾. أي: قضينا ذلك في أم الكتاب من تسخير الجبال والطير مع داود - ﷺ -.
قال القاسمي: (إشارة إلى أنه ليس ببدع في جانب القدرة الإلهية، وإن كان عند المخاطبين عجيبًا).
وفي التنزيل نحو ذلك: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: ١٧ - ١٩].
وقوله: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ﴾. أي: عمل الدروع الملبوسة، فقد كانت قبل ذلك صفائح فجعلها حلقًا وسردها، أي أدخل بعضها في بعض.
قال قتادة: (كانت صفائح، فأوّل من سَرَدها وحَلَّقها داود عليه السلام).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٧٩٣)، والنسائي في "فضائل القرآن" (٨٣)، وأحمد (٥/ ٣٤٩).
(٣) حديث صحيح. انظر صحيح سنن أبي داود (١٣٢٠)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة (٧٧٢).