التأويل الثالث: أقم الصلاة لأذكرك بالمدح في عليين بها. قال القرطبي: (فالمصدر على هذا يحتمل الإضافة إلى الفاعل وإلى المفعول).
التأويل الرابع: أقم الصلاة إذا نسيتها حين تذكرها. قال إبراهيم: (﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾: يصليها حين يذكرها).
التأويل الخامس: أي حافظ بعد التوحيد على الصلاة.
قلت: وكلها معان متكاملة يتسع لها اللفظ الإلهي المعجز، وقد دلّت السنة الصحيحة على بعضها في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن أنس بن مالك عن النبي - ﷺ -: [مَنْ نَسِيَ صلاةً فَلْيُصَلِّ إذا ذكَرَ، لا كفّارة لها إلا ذلك ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾] (١).
الحديث الثاني: أخرج مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده، عن قتادة، عن أنس، عن النبي - ﷺ -: [إذا رقَدَ أحدكم عن الصلاة، أو غفل عنها، فليصلّها إذا ذكرها، فإن الله تعالى قال: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الترمذي في سننه بإسناد صحيح عن أبي هريرة قال: [لما قفل رسول الله - ﷺ - من خيبر أسرى ليلة حتى أدركه الكَرى أناخ فعرّس ثم قال: "يا بلال اكْلأ لنا الليلة". قال: فصلى بلال، ثم تساند إلى راحلته مستقبل الفجر، فغلبته عيناه فنام، فلم يستيقظ أحد منهم، وكان أولهم استيقاظًا النبي - ﷺ - فقال: "أي بلالٌ"، فقال بلال: بأبي أنت يا رسول الله، أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك، فقال رسول الله - ﷺ -: "اقْتادُوا"، ثم أناخ فتوضأ فأقام الصلاة، ثم صلى مثل صلاته في الوقت في تمكُّث، ثم قال: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾] (٣).
وقوله: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾. أي: إن الساعة جائية أكاد أخفيها لنفسي لا تأتيكم إلا بغتة. قال ابن عباس: (﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ يقول: لا أظهر عليها أحدًا غيري).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٦٨٤)، (٣١٦)، ورواه أحمد (٣/ ١٨٤) من طريق المثنى به.
(٣) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٣٣٨٧) في التفسير، سورة طه، آية (١٤)، وانظر صحيح سنن الترمذي (٢٥٣٠)، وصحيح سنن أبي داود (٤٢٠ - ٤٢١)، وفي صحيح مسلم نحوه.