قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء، فيبعث الله نَغَفًا في أقفائهم فيقتلون بها. قال رسول الله - ﷺ -: والذي نفسي بيده، إن دواب الأرض لتسْمَنُ وتَشْكَرُ شَكَرًا من لحومهم] (١).
وقوله: ﴿وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ﴾. قال ابن زيد: (اقترب يوم القيامة منهم).
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج، اقترب الوعد الحقّ، وذلكَ وعد الله الذي وعد عبادهُ أن يبعثهم من قبورهم للجزاء والثواب والعقاب). والمقصود: أن خروج يأجوج ومأجوج علامة اقتراب يوم النشور والحساب.
وقوله: ﴿فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾. أي: من شدة ما يشاهدونه من الأهوال والأمور العظام. والتقدير: فإذا جاء الوعد الحق بأهواله ودنت الساعة بعلاماتها وحقائقها شخصت أبصار الذين كفروا.
قال النسفي: (﴿شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي مرتفعة الأجفان لا تكادُ تطرف من هول ما هم فيه).
وقوله: ﴿يَاوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا﴾ - أي في الدنيا.
قال القاسمي: (أي لم نعلم أنه حق). والمقصود: أن الكفار لما رأوا أهوال يوم الحساب وعاينوا عظيم البلاء أيقنوا أنهم كانوا في لهو وغفلة عن هذه الحقائق ولم يستعدوا لها وأسروا الندامة.
وقوله: ﴿بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ﴾. قال القرطبي: (يقولون: يا ويلنا إنا كنا ظالمين بمعصيتنا، ووضعنا العبادة في غير موضعها).
والمقصود: أن الكفار أيقنوا يومئذ برؤية سجلات أعمالهم وفيها جبال آثامهم ومعاصيهم.
أخرج البخاري ومسلم عن عائشة، أن النبي - ﷺ - قال: [ليسَ أحدٌ يحاسبُ يومَ القيامة إلا هلك. قلت: أوليسَ يقول الله: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾ فقال: إنما ذلكَ العرض، ولكن من نوقش في الحساب يهلك] (٢).

(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٢/ ٥١٠ - ٥١١)، والترمذي (٢/ ١٩٧)، والحاكم (٤/ ٤٨٨)، وابن حبان (١٩٠٨)، وانظر كتابي: أصل الدين والإيمان (٢/ ١٠٥٦)، لتفصيل البحث.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٩٣٩)، وأخرجهُ مسلم (٢٨٧٦)، من حديث عائشة.


الصفحة التالية
Icon