وفي سنن ابن ماجة بسند صحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إنما يبعث الناس على نياتهم] (١).
ورواه من حديث جابر بلفظ: [يحشر الناس على نياتهم].
وبنحوه عند ابن حبان من حديث عائشة: [... ثم يبعثون على نياتهم وأعمالهم].
وقوله تعالى: ﴿فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى﴾.
أي: فلا يردنّك عن التهيؤ للساعة يا موسى والتأهب لها من لا يؤمن بها ومضى خلف شهواته وأهوائه معظمًا لها، فتهلك بذلك وتشقى.
قال الزمخشري: (وفي هذا حث عظيم على العمل بالدليل، وزجر بليغ عن التقليد، وإنذار بأن الهلاك والردى مع التقليد وأهله).
١٧ - ٢٤. قوله تعالى: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (١٧) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (١٨) قَالَ أَلْقِهَا يَامُوسَى (١٩) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (٢٠) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (٢١) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (٢٢) لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (٢٣) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٢٤)﴾.
في هذه الآيات: إبرازُ الله تعالى آية لموسى، عصاه ألقاها فانقلبت بإذن الله حية تسعى، قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى، ثم أراه آية أخرى، يده ضمّها إلى جناحه فخرجت بيضاء بإذن ربه الأعلى. ليذهب محملًا باليقين ممتثلًا أمر الله إلى فرعون الذي طغى.
فقوله تعالى: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى﴾ - استفهام تقرير.
أي هو تنبيه من الله سبحانه ليقرّر بنفسه أنها خشبة يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه، لِيُعَرِّفَه قدرته تعالى على تحويلها إلى حية تسعى.

(١) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة في السنن (٤٢٢٩)، (٤٢٣٠) - كتاب الزهد - باب في النية، وانظر صحيح سنن ابن ماجة (٣٤٠٧) - (٣٤٠٨)، ورواه ابن حبان في صحيحه نحوه، وقد مضى.


الصفحة التالية
Icon