أصحاب العتو والغُلُوّ والشرور. لقد قضي على الشيطان وكتب عليه أن أتباعه يقتبسون من ضلاله المفضي إلى عذاب السعير.
فعن ابن جُريج: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ قال: النضْر بن الحارث.
ويعني بقوله: ﴿مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ من يخاصم في الله، فيزعم أن الله غير قادر على إحياء من قد بَلي وصار ترابًا، بغير علم يعلمه، بل بجهل منه بما يقول، ﴿وَيَتَّبِعُ﴾ في قيله ذلك وجداله في الله بغير علم ﴿كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ﴾).
ولا شك أن هذا حال كثير من أهل البدع والضلال، فهم يعرضون عن اتباع الحق بدليل صحيح، ويَمْضوُنَ خلف أهوائهم وما ألْفَوا عليه آباءهم ومشايخهم، فيقعون في الغلو أو الابتداع أو تحكم المردة من الشياطين.
ففي مسند الإمام أحمد بسند صحيح عن ابن عباس قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إياكم والغُلُوّ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو] (١).
وفي الصحيحين عن عائشة قالت: قال رسول الله - ﷺ -: [من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ] (٢).
وقوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ﴾. قال قتادة: (كُتب على الشيطان، أنه من اتبع الشيطان من خلق الله). وقال مجاهد: ﴿أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ﴾ قال: الشيطان اتبعه. وقوله: ﴿فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ﴾ يقول: فإن الشيطان يضله، يعني: يُضِلّ من تولاه).
والمقصود: قضي على الشيطان وسبق أن كتب عليه أنه يُضل أتباعه ولا يهديهم الحق.
وقوله: ﴿وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ﴾.
قال ابن جرير: (يقول: ويسوق من اتّبَعهُ إلى عذاب جهنم الموقدة، وسياقه إياه إليه بدعائه إياه إلى طاعته ومعصية الرحمن، فذلك هدايته من تبعه إلى عذاب جهنم).
قلت: والآية تجمع بين مراتب الضلال الثلاث:
أ- الضياع والانحراف.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٥/ ٢٢١) - في الصلح، وأخرجه مسلم (١٧١٨) - في الأقضية.