الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب والمؤمنون، وأبى السجود الكافرون، فحق عليهم العذاب، فما يصح الخروج عن طاعة ربّ الأرباب.
فعن قتادة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾. قال: (الصابئون: قوم يعبدون الملائكة، ويصلون للقبلة، ويقرؤون الزبور.. والمجوس: يعبدون الشمس والقمر والنيران. والذين أشركوا: يعبدون الأوثان. والأديان ستة: خمسة للشيطان، وواحد للرحمن).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾.
أي: إنّ الله تعالى يحكم بينهم بالعدل يوم القيامة فيجازي كلًّا منهم ما يستحق، فمن آمن به تعالى وأقام أركان الإيمان أدخله الجنة، ومن كفر به وكذّب بالوحي أدخله النار، إنه سبحانه شهيد على أعمالهم جميعًا، حفيظ لأقوالهم، عليم بسرائرهم، ولا يُظْلَمُ عنده أحد من عباده.
وقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ﴾. قال مجاهد: (ظلال هذا كله).
والمعنى: ألم تر -يا محمد- بقلبك، أن كل شيء في هذا الكون الفسيح يسجد لله العظيم، فالملائكة في السماوات، والحيوانات في جميع الجهات، من الإنس والجن والدواب والطير، كل قد علم صلاته وتسبيحه. قال ابن كثير: (وقوله: ﴿وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ﴾، إنما ذكر هذه على التنصيص، لأنها قد عُبدت من دون الله، فَبَيَّنَ أنها تسجد لخالقها، وأنها مربوبة مُسَخَّرة، ﴿لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [فصلت: ٣٧]).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾ [النحل: ٤٨].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [النحل: ٤٩].
٣ - وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ﴾ [النور: ٤١].