١٩ - ٢٢. قوله تعالى: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (٢١) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (٢٢)﴾.
في هذه الآيات: اختصامُ الفريقين عند ربهم يوم القيامة: فويق الأولياء، وفويق الكفرة الأعداء. فالكفار في نار العذاب يصب على رؤوسهم الحميم، فيصهر به ما في بطونهم والجلود، ويضربون بسياط من جديد، ويمنعون من الخروج ليتضاعف عليهم العذاب الشديد.
أخرج البخاري في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه قال: [نزلت: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ﴾ في ستة من قويش: علي وحمزة وعبيدة بن الحارث، وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة] (١).
وفي رواية: عن قَيْسِ بن عُبَادِ، عن أبي ذر رضي الله عنه أنه كان يُقسم قسمًا: [إنَّ هذه الآية: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ﴾ نزلت في حمزة وصاحبيه، وعُتْبَة وصاحِبَيْه يوم بَرَزُوا في يوم بدر] (٢).
وأخرج البخاري في الصحيح، والنسائي في التفسير، عن قَيْسِ بن عُبادٍ، عن عليٍّ رضي الله عنه قال: [أنا أوّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يدي الرحمن للخصومة يومَ القيامة، قال قيس: وفيهم نزلت: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ﴾. قال: هم الذين بارزوا يوم بَدْرٍ: عَليٌّ وحَمْزَةُ وعُبَيْدَةُ، وشَيْبَةُ بنُ ربيعةَ وعُتْبَةُ بن ربيعةَ والوليدُ بنُ عُتبة] (٣).
والمقصود: إخبار من الله تعالى عن الفريقين المتخاصمين الذين خرجوا للمبارزة يوم بدر، الفريق الأول: أهل الإيمان حمزة وعلي وعبيدة رضي الله عنهم. والفريق الثاني: أهل الكفر من أبناء عمومتهم عتبة وشيبة والوليد بن عتبة عليهم سخط الله

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٩٦٦)، كتاب المغازي. وانظر كذلك (٣٩٦٨).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٧٤٣)، كتاب التفسير، سورة الحج، آية (١٩).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٧٤٤)، كتاب التفسير، وأخرجه النسائي في "التفسير" (٣٦٢).


الصفحة التالية
Icon