خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (٣١) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٣٣)}.
في هذه الآيات: تعظيمُ الحرمات تعظيمٌ للدين، والشركُ أكبر الآثام وعقابه أليم. وتعظيمُ الشعائر من تقوى القلوب، ولكم في البدن منافع في الشرب والركوب، إلى وقت وجوب نحرها عند البيت العتيق.
فعن مجاهد، في قوله: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ﴾ قال: (الحرمة: مكة والحجّ والعمرة، وما نهى الله عنه من معاصيه كلها). وقال الليث: (حرمات الله ما لا يحل انتهاكها).
وقال قوم: (الحرمات هي الأمر والنهي). وقال الزجاج: (الحرمة ما وجب القيام به وحرم التفريط فيه).
قلت: وكل ما سبق داخل في مفهوم حرمات الله، فإن تعظيم الشرع الممثل بالقرآن والسنة العطرة وما جاء فيهما من أحكام يورث الخير في الدنيا والآخرة.
قال ابن القيم: (وأول التعظيم تعظيم الأمر والنهي، وهو أن لا يُعارضا بترخص جاف، ولا يُعَرَّضا لتشدّد غال).
أخرج الترمذي بسند صحيح عن ابن شهاب، أن سالم بن عبد الله حَدَّثَه: [أنه سمع رجلًا من أهل الشام، وهو يسأل عبد الله بن عمر: عن التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال عبد الله بن عمر: هي حلال. فقال الشامي: إنَّ أَباك قد نهى عنها. فقال عبد الله بن عمر: أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله - ﷺ -! أمرُ أبي يُتبَع، أم أمر رسول الله - ﷺ -؟ فقال الرجل: بل أمر رسول الله - ﷺ -. فقال: لقد صنعها رسول الله - ﷺ -] (١).
وقوله: ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾. أي هذا التعظيم لأحكام هذا الدين يتبعه عند الله يوم القيامة ثوابٌ جزيل وخير وفير.