وقوله: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾.
قال قتادة: (هذا مثل ضربه الله لمن أشرك بالله في بُعده من الهدى وهلاكه).
وعن مجاهد: (﴿فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ قال: بعيد).
والمقصود: أنّ مثل المشرك بالله في بعده عن الهدى وإصابة الحق وهلاكه وذهابه عن ربه كمثل ذلك الذي خرّ من السماء فتخطفه الطير في الهواء وتقطعه وتمزقه، فهلك، أو هوت به الريح في مكان بعيد فلقي مصيره الفاجع.
وفي حديث البراء -في المسند وسنن أبي داود ومستدرك الحاكم- في صعود ملائكة العذاب بروح الكافر وخروج الريح الخبيثة منها، قال رسول الله - ﷺ -: [فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان بن فلان -بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا-، حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا، فيستفتح له، فلا يفتح له، ثم قرأ رسول الله - ﷺ -: ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾. فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين، في الأرض السفلى، ثم يقال: أعيدوا عبدي إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتطرح روحه من السماء طرحًا حتى تقع في جسده، ثم قرأ: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾] الحديث (١).
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾.
يشمل تعظيم أوامر الله جميعها، ومن ذلك استحسان البُدن واستسمانها، وأداء مناسك الحج كما جاءت في القرآن وصحيح السنة، دون ترخص جاف أو تشدّد غال.
قال مجاهد: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ﴾: الاستسمان والاستعظام).
أو قال: (استعظام البدن، واستسمانها، واستحسانها).
وقال ابن زيد: (الشعائر: الجمار، والصفا والمروة من شعائر الله، والمَشْعَر الحرام، والمزدلفة).