٣٤ - ٣٥. قوله تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٥)﴾.
في هذه الآيات: ذْبحُ المناسك وإراقة الدماء على اسم الله أمْرُ الله في جميع الأمم والبشرى للمخبتين. الذين ذلّت قلوبهم لله بالخشوع وجوارحهم بأداء الصلاة وإيتاء الزكاة والصدقات وكانوا مع الصابرين.
فعن مجاهد: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا﴾ قال: إهراق الدماء ﴿لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ﴾ عليها).
وعن ابن عباس: (﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا﴾، قال: عيدًا). وقال عكرمة: (ذَبْحًا).
قال ابن كثير: (يخبر تعالى أنه لم يزل ذبحُ المناسك وإراقة الدّماء على اسم الله مَشْروعًا في جميع المِلَل).
وقوله: ﴿لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾.
قال القرطبي: (أي على ذبح ما رزقهم. فأمر تعالى عند الذبح بذكره وأن يكون الذبح له، لأنه رازق ذلك. ثم رجع اللفظ من الخبر عن الأمم إلى إخبار الحاضرين بما معناه: فالإله واحد لجميعكم، فكذلك الأمر في الذبيحة إنما ينبغي أن تخلص له).
وفي الصحيحين عن أنس قال: [ضحّى النبي - ﷺ - بكَبْشَينِ أمْلَحين، فرأَيْتُه واضِعًا قدَمَهُ على صِفاحِهما يُسَمِّي ويكبِّرُ فَذَبَحَهُما بيده] (١).
فالسنة أن يذبح الرجل بيده إن تيسَّر، وأن يستقبل بذبيحته القبلة.
فقد روى عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن عمر: [أنه كان يكره أن يأكل ذبيحة ذبحت لغير القبلة] (٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه عبد الرزاق (٨٥٨٥) بإسناد صحيح عنه. وانظر كتابي: الحج والعمرة على منهج الوحيين: القرآن والسنة الصحيحة (ص ٥٠ - ٥٢) لتفصيل أكبر.