وفي لفظ مسلم: (فكلوا وادّخِروا وتصدقوا) (١). وفي رواية: (كلوا وتزودوا وادّخروا).
وفي لفظ آخر: (كلوا وأطعموا واحْبِسوا أو ادّخِروا) (٢).
وقوله: ﴿كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
أي: هذا التذليل من الله تعالى لهذه البدن لكم: في ركوبها ولحومها ولبنها إنما هو فضل الله وكرمه عليكم لعلكم تحسنون شكره وعبادته.
وفي التنزيل نحو ذلك:
قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (٧١) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (٧٢) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾ [يس: ٧١ - ٧٣].
ولكنْ: قليل من عباد الله هم الشاكرون، وأكثر الناس في غفلة عن نعم الله التي تغمرهم.
ففي المسند للإمام أحمد بسند صحيح عن عتبة بن عبد، عن النبي - ﷺ - قال: [لو أنَّ رجلًا يُجَرُّ على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرمًا في مرضاة الله تعالى لَحَقِرَهُ يوم القيامة] (٣).
وفي جامع الترمذي بسند صحيح عن أبي هريرة وعن أبي سعيد قالا: قال رسول الله - ﷺ -: [يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقول له: ألمْ أجْعل لك سَمْعًا وبَصَرًا ومالًا وَوَلدًا وسَخَّرْت لك الأنعام والحرث، وتركتُكَ تَرْأَسُ وتَرْبَعُ، فكنتَ تَظُنُّ أنك ملاقِيَّ يَوْمَكَ هذا؟ فيقول: لا. فيقول له: اليوم أنساك كما نسيتني] (٤).
وقوله: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾.
قال إبراهيم: (ما أريد به وجه الله). وهو كما قال ابن زيد: (إن اتقيت الله في هذه
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٩٧٣) - كتاب الأضاحي، في ختام حديث أطول.
(٣) حديث حسن. انظر صحيح الجامع (٥١٢٥)، وكتابي: أصل الدين والإيمان (١/ ٦٧٥)، وكتابي: تحصيل السعادتين على منهج الوحيين (٩٨ - ٩٩) لتفصيل هذا البحث.
(٤) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٢٥٥٨). أبواب صفة القيامة. انظر صحيح سنن الترمذي- حديث رقم- (١٩٧٨)، وأصله في صحيح مسلم.