والباطل، والمعاصي. قال ابن عباس: (يقول: الباطل). وقال الحسن: (﴿عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ قال: عن المعاصي). وقال قتادة: (أتاهم -والله- من أمر الله ما وقذهم عن ذلك). يعني عن كل ما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال.
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾.
يشمل زكاة النفس من الشرك والدنس، وزكاة الأموال والصدقات الواجبة، فقد فرضت الزكاة بمكة مجملة عامة ثم حُدِّدَت أنصبتها في المدينة، فالآية وإن كانت مكية فهي تدل على ما وجب عليهم بادئ الأمر من مطلق الزكاة.
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾. قال ابن عباس: (يقول: رضي الله لهم إتيانهم أزواجهم وما ملكت أيمانهم).
والمقصود: أنَّ حفظ الفروج عن مواقعة الزنا واللواط وما حرّم الله تعالى هو من صفات المؤمنين، وبورك لهم في مواقعة الحلال من الزوجات وما ملكت الأيمان.
أخرج أحمد بسند حسن عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قيل: إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت أن لا يرينّها أحد فلا يرينّها. قيل: إذا كان أحدنا خاليًا؟ قال: الله أحقُّ أن يُستحيا منه من الناس] (١).
قال ابن عروة الحنبلي في "الكواكب" (٥٧٥/ ٢٩/ ١): (ومباح لكل واحد من الزوجين النظر إلى جميع بدن صاحبه ولمسه حتى الفرج لهذا الحديث، ولأن الفرج يحل له الاستمتاع به فجاز النظر إليه ولمسه كبقية البدن).
قلت: وهذا الذي ذكره ابن عروة الحنبلي رحمه الله داخل في آفاق مفهوم قوله تعالى: ﴿فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾.
قال ابن عباس: (نهاهم الله نهيًا شديدًا، فقال: ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ فسمى الزاني من العادين). وقال ابن زيد: (﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾: الذين