الفردوس فإنه أوسطُ الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تَفَجَّرُ أنهارُ الجنة] (١).
قال مجاهد: (الفردوس: بستان بالرومية). وقال ابن جرير: (﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ﴾ البستان ذا الكَرْم، وهو ﴿الْفِرْدَوْسَ﴾ عند العرب)، والله تعالى أعلم.
قلت: وجنان الله تعالى في الدار الآخرة ثمان، أعلاها جنة الفردوس وأجملها.
ققد أخرج البخاري عن أنس: [أن حارثة بن سراقة قتل يوم بدر، وكان في النظّارة، أصابه سهم طائش فقتله، فجاءت أمه فقالت: يا رسول الله، أخبرني عن حارثة؟ فإن كان في الجنة صبرت، وإلا فليَرَيَنَّ الله ما أصنع. فقال: ويحك أهبلت؟ ! أو جنة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة، وإنه في جنة الفردوس] (٢).
وفي رواية: [إنها جنان ثمان، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى].
١٢ - ١٦. قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (١٤) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦)﴾.
في هذه الآيات: تقريرُ الله تعالى خلق الإنسان الأول من قبضة جمعها من تراب الأرض، ثم تتابع النسل من نطفة فعلقة فمضغة، ثم كان تشكيل العظام وكسوته باللحم، فتبارك الله أحسن الخالقين. ثم يكون الموت بعد اكتمال السعي في هذه الحياة الدنيا، ثم القيام للحساب بين يدي رب العالمين.
فقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾.
قال قتادة: (استُلّ آدم من الطين). وقال أيضًا: (استلّ آدم من طين، وخُلقت ذرّيته من ماء مهين).

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٢٧٩٠) -كتاب الجهاد والسير، وأحمد في المسند (٢/ ٣٣٥)، وابن حبان (٤٦١١) - في أثناء حديث طويل.
(٢) حديث صحيح. انظر فتح الباري (٧/ ٣٠٤)، شرح صحيح البخاري -حديث رقم- (٣٩٨٢).


الصفحة التالية
Icon