لَمُنْقَلِبُونَ}. ثم قال: الحمد لله ثلاثًا، الله أكبر ثلاثًا، سبحانك إني قد ظلمت نفسي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم ضحك. فقلت: من أي شيء ضحكت يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت رسول الله - ﷺ - صنع كما صنعت، ثم ضحك فقلت: من أي شيء ضحكت يا رسول الله؟ قال: إنّ ربَّك لَيَعْجَبُ مَنْ عبدِه إذا قال: ربِّ اغفر لي ذُنوبي، إنه لا يَغْفِرُ الذنوبَ غَيْرُك] (١). وقوله تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره لنبيه نوح عليه السلام: وقل إذا سلمك الله وأخرجك من الفلك، فنزلت عنها ﴿وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا﴾ من الأرض ﴿مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ﴾ من أنزل عباده المنازل).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ﴾.
أي: إن في إنجاء المؤمنين وإهلاك الكافرين لدلالات بينات على صدق الأنبياء في دعوتهم، وصدق الله لهم في نصرهم على عدوهم، وإنما قضى الله تعالى ابتلاء القوم بعضهم ببعض ليميز الخبيث من الطيب، ثم يحق الحق ويزهق الباطل.
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٩)﴾ [آل عمران: ١٧٩].
٢ - وقال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٦)﴾ [التوبة: ١٦].
وقال تعالى: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨)﴾ [الأنبياء: ١٨].
ومن كنوز صحيح السنة في ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن أبي عبيدة بن حذيفة عن عمته فاطمة أنَّها قالت: [أَتَيْنَا رسول الله - ﷺ -، نعوده في نسائه، فإذا سقاء معلق نحوه يقطر

(١) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٣٦٩١) - أبواب الدعوات - باب ما يقول: إذا ركب دابة، انظر صحيح سنن الترمذي (٢٧٤٢)، وصحيح أبي داود (٢٢٦٧).


الصفحة التالية
Icon