من بعدهم على العناد والتكذيب. يقولون: أئذا متنا وعدنا ترابًا، قد فنيت أجسامنا، وبرأت عظامنا من لحومنا، أئنا لمبعوثون من قبورنا أحياء كما كنا؟ إن هذا لشيء عجيب وما هو بكائن!
وقوله تعالى: ﴿لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾.
أي: لقد وُعدنا هذا نحن منك، وأَباؤنا من قبل مجيئك - يا محمد - من قوم مثلك زعموا أنهم رسل الله، فلم نر له حقيقة، وما هو إلا من أباطيل الأولين وترّهاتهم.
٨٤ - ٩٠. قوله تعالى: ﴿قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٩٠)﴾.
في هذه الآياتِ: قوارعُ من الوحي الكريم، في إثبات اقتضاء الإيمان بالربوبية الإيمان بتوحيد الألوهية، فالرب الذي يملك ويجير وبيده ملكوت كل شيء هو الإله الحق المستحق للعبادة والتعظيم، والمشركون هم الكاذبون.
فقوله تعالى: ﴿قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾.
توجيه الله تعالى نبيه محمدًا - ﷺ - للأسلوب الأمثل في مواجهة شرك قومه عن طريق إقرارهم لله تعالى بالربوبية، لماذا لم يفردوه سبحانه بالألوهية؟ ! ولماذا لم يوحدوه وينزهوه تعالى في أسمائه وصفاته ومحامده! ؟
فهم مُقِرُّون أَنَّ الأرض ومن فيها لله فقل لهم - يا محمد - ﴿أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾. قال النسفي: (فتعلموا أن من فطر الأرض ومن فيها كان قادرًا على إعادة الخلق، وكان حقيقًا بأن لا يشرك به بعض خلقه في الربوبية).