وله شاهد في المسند من حديث أنس قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [والذي نفسي بيده - أو قال: والذي نفس محمد بيدِه - لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض، ثم استغفرتم الله عز وجل، لغَفَرَ لكم، والذي نفس محمد بيده - أو قال: والذي نفسي بيده - لو لم تخطئوا لجاء الله عز وجل بقوم يخطئون ثم يستغفرون الله فيغفر لهم].
وقوله: ﴿وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
أي: وهو السيد العظيم الذي يحتاج إليه جميع خلقه، فَيَمْنَعُ من يشاء ولا يُمنع منه، وَيُؤمِّنُ مَنْ يشاء، ولا يُؤمَّنُ مَنْ أخافه، إن كنتم - أيها الجاحدون - تعلمون.
أخرج أبو داود وأحمد بسند صحيح عن أبي جري جابر بن سليم قال: [رأيت رجلًا يصدر الناس عن رأيه، لا يقول شيئًا إلا صدروا عنه، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا رسول الله - ﷺ -، قلت: عليك السلام يا رسول الله، مرتين، قال: لا تقل عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الميت، قل: السلام عليك. قال: قلت: أنت رسول الله - ﷺ -؟ قال: أنَّا رسول الله الذي إذا أصابك ضرٌّ فدعوته كشفه عنك، وإن أصابك عامُ سنة فدعَوْتَه أنْبَتَها لك، وإن كنت بأرصْ قَفْراء أو فلاة فَضَلَّتْ راحلتك فدعوتَهُ رَدَّها عليك] (١).
وقوله تعالى: ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾. قال ابن عباس: (يقول: تكذبون). أي: سيعترفون أن السيد العظيم الذي تتجه الخلائق إليه بحاجاتها فيجير من يشاء، ولا يجار عليه، هو الله الواحد الأحد لا شريك له.
فقل لهم يا محمد: فكيف تُصرف عقولكم وتشركون في عبادته. قال القرطبي: (أي فكيف تخدعون وتصرفون عن طاعته وتوحيده. أو كيف يُخَيَّلُ إليكم أن تشركوا به ما لا يضر ولا ينفع! والسحر هو التخييل. وكل هذا احتجاج على العرب المقرّين بالصانع).
وقوله تعالى: ﴿بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾.
قال ابن كثير: ﴿بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ﴾، وهو الإعلام بأنه لا إله إلا الله، وأقمنا الأدلة الصحيحة الواضحة القاطعة على ذلك ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ أي: في عبادتهم مع الله