السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (٩٦) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨)}.
في هذه الآياتِ: تعليمُ الله تعالى نبيّه - ﷺ - أن يدعو بنجاته مما هو نازل بالقوم المشركين. وإخباره أن الله تعالى لو شاء لأراه الخزي والنقمة بالمعاندين. وأَمْرُهُ تعالى له بالدفع بالتي هي أحسن والاستعاذة به - جلت عظمته - من همزات الشياطين أو أن يحضرون.
فقوله تعالى: ﴿قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - ﷺ -: قل يا محمد: ربِّ إنْ تُرِيَنِّي في هؤلاء المشركين ما تعدهم من عذابك فلا تهلكني بما تهلكهم به، ونجني من عذابك وسخطك، فلا تجعلني في القوم المشركين ولكن اجعلني ممن رضيت عنه من أوليائك).
وقوله: ﴿فَلَا تَجْعَلْنِي﴾ جواب لقو له: ﴿إِمَّا تُرِيَنِّي﴾ - اعترض بينهما بالنداء.
والخلاصة: هذا دعاء عظيم يحتاج المسلم أن يدعو به ربه تعالى عند حلول النقم، كي يجنّبه سبحانه الفتن، ومصارع السوء والمحن.
وفي السنة العطرة من آفاق ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري في "الأدب المفرد" والترمذي وأحمد، بسند صحيح لشواهده، عن العباس بن عبد المطلب قال: [قلت يا رسول الله علمني شيئًا أسأاله الله عز وجل. قال: سل الله العافية. فمكثت أيامًا، ثم جئت فقلت: يا رسول الله علمني شيئًا أسأله الله. فقال لي: يا عباس يا عم رسول الله! اسألوا الله العافية في الدنيا والآخرة" (١).
الحديث الثاني: أخرج الطبراني والحاكم بسند حسن عن ابن عباس، أن النبي - ﷺ - قال لعمه العباس: [يا عَمِّ! أكثِر الدعاء بالعافية] (٢).
الحديث الثالث: أخرج أحمد والترمذي بسند صحيح عن معاذ بن رفاعة قال: قام

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (٧٢٦)، والترمذي (٢/ ٢٦٦)، وأحمد (١/ ٢٠٩). وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٥٢٣).
(٢) حديث حسن. أخرجه الطبراني (١١٩٠٨)، والحاكم (١/ ٥٢٩)، وانظر المرجع السابق.


الصفحة التالية
Icon