وقوله تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨)﴾.
أمر من الله سبحانه لنبيه - ﷺ - بالاستعاذة من شياطين الجن؟ لأنهم لا يقبلون رشوة ولا ينفع معهم جميل، بعكس شياطين الإنس فإنه يمكن شراؤهم بحسن الخلق وطيب المعاملة، وهذا منهج قويم يحتاجه المسلمون في حياتهم.
قال ابن زيد: (همزات الشياطين: خَنْقُهم الناس، فذلك همزاتهم. ﴿وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨)﴾ في شيء من أمري).
والهمزات: جمع هَمْزة، والهَمْزُ هو الغَمْز. قال الرازي: (وهمزات الشياطين خَطَراته التي يُخْطِرُها بقلب الإنسان). وكذلك الهمز: هو النَّخْسُ والدفع. والمقصود: الاستعاذة بالله من نزعات الشياطين الشاغلة عن ذكر الله تعالى، ومن محاولات اقترابه من العبد بمسّ وإيذاء أو سحر.
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٦)﴾ [فصلت: ٣٦].
٢ - وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١)﴾ [الأعراف: ٢٠١].
٣ - وقال تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨)﴾ [النحل: ٩٨].
ومن كنوز السنة في آفاق ذلك أحاديث:
الحديث الأول: يروي الديلمي بسند صحيح عن أبي هريرة، عن النبي - ﷺ - قال: [لا تسبوا الشيطان، وتعوذوا بالله من شره] (١).
الحديث الثاني: خرّج مسلم عن جابر قال: قال رسول الله - ﷺ -: [لا تأكلوا بالشمال، فإن الشيطان يأكل بالشمال] (٢).
وله شاهد عنده من حديث ابن عمر، أن رسول الله - ﷺ - قال: [لا يأكُلَنَّ أحدُكم بشماله ولا يشَربَنَّ بها، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بها].
(٢) حديث صحيح. رواه مسلم (٢٠١٩). وانظر للشاهد (٢٠٢٠) (١٠٦)، وأخرجه مالك (٢/ ٩٢٢).