قال ابن عباس: (هذا قول الرحمن عزَّ وجَلّ، حين انقطع كلامهم منه).
قال النسفي: ﴿قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا﴾ اسكتوا سكوت ذلة وهوان ﴿وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ في رفع العذاب عنكم، فإنه لا يرفع ولا يخفف). وقال القرطبي: (أي ابْعُدوا في جهنم، كما يقال للكلب اخْسَأ أي ابْعُد).
قال أبو الدرداء: (فعند ذلك يئسوا من كل خير، فيدْعون بالويل والشَّهيق والثبور) - ذكره بسنده ابن جرير.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾.
قال مجاهد: (هُمْ بلال وخَبّاب وصُهَيْب، وفلان وفلان من ضعفاء المسلمين، كان أبو جهل وأصحابه يهزؤون بهم).
وقال ابن زيد: ﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا﴾: يسخرون منهم كما سخر قوم نوحٍ بنوح، اتخذوهم سخريًا: اتخذوهم هُزؤًا، لم يزالوا يستهزئون بهم).
والمقصود: انتصار الرحمن عز وجل لأوليائه من أعدائه، فقد كان المجرمون يضحكون في الحياة الدنيا من المؤمنين وتضرعهم ودعائهم وعبادتهم وإخلاصهم في منهاجهم لله تبارك وتعالى.
كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (٣٢) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (٣٣) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)﴾ [المطففين: ٢٩ - ٣٦].
وفي شرح السنة عن أنس، عن النبي - ﷺ - قال: [يا أيها الناس! ابكوا فإن لم تستطيعوا فتباكوا، فإن أهل النار يبكون في النار حتى تسيل دموعهم في وجوههم، كأنها جداول، حتى تنقطع الدموع، فتسيل الدماء، فتقرّح العيون، فلو أن سُفُنًا أُزْجِيَتْ (١) فيها لجرت] (٢).
(٢) حسن لشواهده. انظر صحيح سنن ابن ماجة (٣٤٩١)، وكتابي: أصل الدين والإيمان (٢/ ٧٦٧)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة (١٦٧٩).