الخير، ينفع به نفسه، ولم يتق شيئًا من الشر يدفعه عن نفسه).
وقال ابن زيد: (ما زكى: ما أسلم، وقال: كل شيء في القرآن من زكى أو تزكى فهو الإسلام). والله سميع لما تقولون، عليم بكل ما يصدر عنكم، فهو محصيه عليكم ليجازيكم به.
ثم خاطب الله الصديق الذي أصيب في أهله ونالت ألسنة المفترين ابنته الطاهرة، وقد كان عزم على قطع معونته وصدقاته عن مسطح بن أثاثة الذي خاض في الإفك مع الخائضين، فقال أبو بكر بعدما نزلت براءة عائشة رضي الله عنها: والله لا أنفق على مسطح شيئًا أبدًا بعدما قاله لعائشة، فأنزل الله تعالى هذه الآية: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢)﴾.
فقال أبو بكر كما يروي البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها: [بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح الذي كان يجري عليه].
ثم بين سبحانه أنّ جزاء كل من يرمي محصنة لم تقارف سوءًا هو اللعن في الدنيا والآخرة ما لم يحدث توبة ويقام عليه الحد فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٢٣)﴾.
واختار ابن جرير قولَ مَنْ قال: (نزلت هذه الآية في شأن عائشة، والحكم بها عام في كل من كان بالصفة التي وصفه بها فيها).
ثم أخبر سبحانه أن هؤلاء المفترين القاذفين المحصنات بالسوء ستشهد عليهم يوم القيامة ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، وسوف ينالون يومئذ ما يستحقون، ثم بين جل ذكره أن الخبيثات للخبيثين والطيبات للطيبين.
قال ابن عباس: (يقول: الخبيثات من القول، للخبيثين من الرجال، والخبيثون من الرجال، للخبيثات من القول).
وقال الضحاك وَزاد: (والطيبات من القول للطيبين من الرجال، والطيبون من الرجال للطيبات من القول، فهذا في الكلام، وهم الذين قالوا لعائشة ما قالوا، هم الخبيثون. والطيبون المبرؤون مما قال الخبيثون).
ووعد الطيبين أن ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾. قال قتادة: (مغفرة لذنوبهم، ورزق كريم في الجَنَّة).