وفي لفظ: [واليدان تزنيان، فزناهما البطش، والرجلان تزنيان، فزناهما المشي، والفم يزني، فزناه القبلُ]. وفي لفظ: [والأذن زناها الاستماع] (١)،
وقوله: ﴿وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾. قال سعيد بن جبير: (عن الفواحش). وقال قتادة: (عمّا لا يَحِل لهنّ). وقال مقاتل: (عن الزنا). وقال أبو العالية: (كل آية أنزلت في القرآن يُذكَرُ فيها حِفْظُ الفروج فهو من الزنا، إلا هذه الآية: ﴿وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾، ألا يراها أحدٌ. وفي لفظ: فإنه يعني الستر) - ذكره ابن جرير.
وقوله: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾. تصريح بوجوب ستر الزينة كلها وعدم إظهار شيء منها أمام الأجانب إلا ما ظهر بغير قصد منهن، فلا يؤاخذن عليه إذا بادرن إلى ستره.
ومن أقوال أئمة التفسير في مفهوم هذه الآية:
١ - عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود، قال: (الزينة زينتان: فالظاهرة منها: الثياب، وما خفي: الخلخالان والقُرطان والسِّواران).
٢ - عن ابن عباس قال: (الظاهر منها: الكحل والخدّان). وقال: (الزينة الظاهرة: الوجه، وكحل العين، وخضاب الكف، والخاتم).
٣ - عن سعيد بن جبير: (﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ قال: الوجه والكفّ). وقال الأوزاعي: (الكفين والوجه).
وروى البيهقي عن ابن عباس وغيره: ﴿إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾: الوجه والكفان). قلت: والذي يرجح من النصوص المختلفة ومن سياق الآية أنّ الذي استثني ما كان ظهر من المرأة من غير قصد فبادرت إلى ستره، وأما الوجه والكفان فلا يجب على المرأة سترهما. وفي ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال:
[لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي - ﷺ - وأبو طلحة بين يدي النبي - ﷺ - مجوَّب عليه بحجفة (٢) له | ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سُليم وإنهما لمشمرتان أرى خَدم سوقهما |
(٢) أي مترس عليه "بحجفة" أي بترس.