قلت: وكل ما كان من التكلف من المرأة في إظهار الزينة في الطريق داخل في مفهوم وآفاق هذه الآية كفتحات بعض الثياب، وإظهار بعض الألوان على الرأس أو الأغطية، والروائح العطرة التي تفوحُ في أثناء المسير فتحرك شهوة الرجال، وغير ذلك من أعمال الفتنة، وفي ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن زينب امرأة عبد الله قالت: [قال لنا رسول الله - ﷺ -: إذا شَهِدَتْ إحداكُنَّ المَسْجِدَ فلا تَمَسَّ طِيبًا] (١).
الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: [أيما امرأة أصابت بَخُورًا، فلا تشهد معنا العشاء الآخرة] (٢).
الحديث الثالث: روى أبو داود والترمذي بسند حسن عن أبي موسى، عن النبي - ﷺ - قال: [إذا استعطرت المرأةُ فمَرَّت على القوم ليجدوا ريحها، فهي كذا وكذا. قال قولًا شديدًا] (٣).
ولفظ الترمذي: [كُلُّ عَيْن زانية، والمرأةُ إذا استعْطَرت فَمَرَّت بالمجلس فهي كذا وكذا. يعني: زانية].
الحديث الرابع: أخرج أبو داود وابن ماجة بسند صحيح عن أبي هريرة، قال - أي: الراوي عنه -: [لَقِيَتْهُ امرأة وجد منها ريح الطيب ينفح ولذيلها إعْصَار (٤)، فقال: يا أمَةَ الجبَّار، جئتِ من المسجد؟ قالت: نعم! قال: وله تطيبت؟ قالت: نعم! قال: إني سمعتُ حِبِّي أبا القاسم - ﷺ - يقول: لا تُقْبَلُ صلاة لامرأةٍ تطيَّبَتْ لهذا المسجد، حتى ترجِعَ فتغتَسلَ غُسْلَها من الجنابة] (٥).
وقوله: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾. أمر من الله عباده المؤمنين بالتوبة إليه مما كان منهم من الصفات الجاهلية المذمومة، والتقرب إليه

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٤٤٣) ح (١٤٢) - كتاب الصلاة باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، وأنها لا تخرج مطيبة.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٤٤٤)، الباب السابق، ورواه أبو داود (٤١٧٥).
(٣) حديث حسن. أخرجه أبو داود (٤١٧٣). وانظر صحيح سنن الترمذي (٢٢٣٧).
(٤) أي غبار ترفعه الريح.
(٥) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٤١٧٤)، وابن ماجة (٤٠٠٢)، وانظر صحيح سنن أبي داود - حديث رقم - (٣٥١٧).


الصفحة التالية
Icon