والأيامى: جمع أيِّم. قال الرازي: (﴿الْأَيَمَى﴾: الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء، الواحد منهم "أيِّم" سواء كان تزوّج من قبل أو لم يتزوّج. وامرأة أيّم بِكْرًا كانت أو ثَيّبًا). قال القرطبي: (المقصود من قوله تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ الحرائر والأحرار، ثم بين حكم المماليك فقال: ﴿وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ يعني المذكور والإناث، والصلاح الإيمان).
قال أبو السعود: (واعتبار الصلاح في الأرقاء، لأَنَّ مَنْ لا صلاحَ لهُ منهم، بمعزل من أن يكون خليقًا بأن يعتني مولاه بشأنه، ويشفق عليه، ويتكلف بما لا بد منه شرعًا وعادة، من بذل المال والمنافع. بل حقّه ألا يستبقيه عنده).
وقوله: ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾. حثٌّ على الإقدام على الزواج فإن الله وعد الرزق على التقوى. قال ابن عباس: (رغَّبهم الله في التزويج، وأمر به الأحرار والعبيد، ووعَدَهم عليه الغِنى).
يروي ابن جرير بسنده عن ابن مسعود قوله: (التمسوا الغِنى في النكاح، يقول الله تعالى: ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾).
وفي التنزيل: قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: ٢، ٣].
ومن كنوز صحيح السنة العطرة في آفاق هذه الآية أحاديث، منها:
الحديث الأول: أخرج ابن عدي في "الكامل" بسند حسن عن أبي هريرة مرفوعًا: [حقٌّ على الله عونُ مَنْ نَكَحَ التِماسَ العفافِ عما حَرَّمَ الله] (١).
الحديث الثاني: أخرج أحمد والترمذي وابن ماجة بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - ﷺ - قال: [ثلاثةٌ حقٌّ على الله تعالى عونهم: المجاهِدُ في سبيل الله، والمكاتَبُ الذي يريدُ الأداءَ، والناكحُ الذي يريدُ العفاف] (٢).
وقوله: ﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾. أي: واسع الفضل والمنّ والكرم، عليمٌ بأحوال عباده من الفقر والغنى وغير ذلك وما يصلح لهم.
(٢) حديث حسن. أخرجه أحمد (٢/ ٢٥١)، والترمذي (١٦٥٥)، والنسائي (٦/ ٦١)، وابن ماجة (٢٥١٨)، وابن حبان (٤٠٣٠)، والحاكم (٢/ ١٦٠).