العظيم الذي ضربه سبحانه لنور الوحي الذي يسطع على القلوب فتفرز الحياةَ والإشعاعَ المضيء هو من أنفع الأمثال لهم، والله أعلم بمن يستحق الهداية وهذا النور ممن يستحق الضلال والخلود في الظلام.
٣٦ - ٣٨. قوله تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (٣٦) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٨)﴾.
في هذه الآيات: ذِكْرُ أطهر البيوت في الأرض عقب ذكر أطهر القلوب وأزكاها، فَلَقُلوبٌ عمرت بالإيمان يناسب أصحابها بيوتٌ عمرت بذكر الرحمان، ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من الفضل والإحسان، والله يرزق من يشاء بغير حساب.
فقوله: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ﴾. قال ابن عباس: (وهي المساجدُ تُكْرَم، ونهي عن اللغو فيها). وقال مجاهد: (مساجد تُبنى). وقال قتادة: (هي هذه المساجد، أمر الله سبحانه ببنائها ورَفعها، وأمر بِعِمَارَتها وتطهيرها). وقال الحسن: ﴿أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ﴾ يقول: أن تُعَظَّم لذكره).
يروي ابن جرير بسنده عن عمرو بن ميمون قال: (أدركت أصحاب رسول الله - ﷺ - وهم يقولون: المساجد: بيوت الله، وإنه لحقٌّ على الله أن يُكْرِمَ من زاره فيها).
وقد حفلت السنة العطرة بآفاق هذه الآية في أحاديث كثيرة، منها:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن عُبيد الله الخَوْلاني أنه سمع عثمانَ بن عفان، عِنْد قول الناس فيه حين بنى مسجدَ الرسول - ﷺ -: إنكم قد أكْثَرتُم، وإني سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [مَنْ بنى مَسْجدًا لله يبتغي به وَجْه الله تعالى بنى الله له بيتًا في الجنة] (١). وفي رواية: (مِثْلَهُ في الجنة).