وقوله: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾. أي: عليم: بتسبيح عباده وصلاتهم وأعمالهم كلها، فلا يعزب عن علمه شيء.
وقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾. أي: ولله سلطان السماوات والأرض وملكها، وكل ملك دون ملكه إلى الزوال، فخزائن السماوات والأرض بيده فأفردوه بالطاعة والخوف والرجاء، فإن مرجعكم إليه لا محالة.
وقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا﴾. قال ابن كثير: (يذكر تعالى أنه بقدرته يسوق السحابَ أول ما ينشئها وهي ضعيفة، وهو الإزجاء، ﴿ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ﴾، أي: يجمعه بعد تفرّقه، ﴿ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا﴾، أي: متراكما، أي: يَرْكب بعضُه بعضًا).
قلت: وفي لغة العرب: زجّى الشيءَ تزجية إذا دفعه برفق، والمزجَى: الشيء القليل، وبضاعة مزجاة أي قليلة. والمقصود: يسوقُ الله السحاب بأمره حتى يجمعه ثم يجعله متراكمًا بعضه على بعض ليخرج المطر من خلاله، وهو الوَدْق. وقوله: ﴿فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ﴾. قال ابن زيد: (الودْق: القطر، والخِلال: السحاب). وقوله: ﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ﴾. فيه تأويلان محتملان:
التأويل الأول: خلق الله في السماء جبالًا من بَرَد، فهو ينزل منها بَرَدًا. أو خلق في السماء جبالًا فيها برد فهو ينزّل منها ما شاء.
التأويل الثاني: قيل بل المعنى: ينزل من السماء قدر جبال، أو مثل جبال من بَرَب إلى الأرض. أو ينزل من السماء بردًا يكون كالجبال.
وقوله: ﴿فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ﴾. قال القرطبي: (فيكون إصابته نقمة، وصرفه نعمة). قلت: وقد تكون إصابته برفق رحمة لهم ولزروعهم وماشيتهم، وتأخيره عنهم الغيث امتحانًا لهم. وقوله: ﴿يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ﴾. السنا: ضوء البرق ولمعانه. قال ابن عباس: (﴿يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ﴾ قال: ضوء برقه). وقال قتادة: (يقول: لمعان البرق يذهب بالأبصار).
وقوله تعالى: ﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾. أي: يُعاقبُ الله الليل والنهار، فيأتي بأحدهما بعد الآخر، ويزيد في أحدهما وينقص من الآخر، ويغيّر النهار بظلمة السحاب مرةً وبضوء الشمس أخرى، كما يغيّر الليل أحيانًا بظلمة السحاب أو ضوء القمر، وفي كل ذلك موضع اعتبار لأولي البصائر والعقول والنهى،