المسيب: (يقول: هكذا يبين الله لكم آياته، أحكامه وشرائع دينه، كما بين لكم أمر هؤلاء الأطفال في الاستئذان بعد البلوغ).
وقوله: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾. أي: عليم بما يصلح لعباده من الآداب والتشريع وكل شيء من أحوالهم، حكيم في تدبيره وخلقه وتشريعه وتقديره.
وقوله: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾. القواعد من النساء: أي اللواتي قعدن عن الولد من الكبر، فلا يحضن ولا يلدن، والواحدة قاعد. قال الرازي في "مختار الصحاح": (القاعد من النساء التي قعَدَت عن الولد والحيض). وعن سعيد بن جبير وقتادة: (﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ﴾: هُنَّ اللواتي انقطع عنهن الحيضُ ويَئِسْنَ من الولد). وعن مجاهد: (﴿اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا﴾ قال: لا يردنه ﴿فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ﴾ قال: جلابيبهن). وعن ابن مسعود قال: (الجلبابُ، أو الرِّداء).
والمقصود: مَنْ لم يبق لهن تشوّفٌ إلى التزويج من النساء القواعد فليس على إحداهن من الحَجْر في التَسَتُّر كما على غيرها، فلها أن تضع الجلباب والرداء يكون فوق الثياب عند المحارم من الرجال وغير المحارم من الغرباء، غير متبرِّجات بزينة. وفي قراءة أبي بن كعب: "أن يضعن من ثيابهن".
أخرج أبو داود بسند حسن عن ابن عباس قال: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ الآية، فنسخ واستُثْنِيَ من ذلك ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا﴾ الآية] (١).
وعن سعيد بن جبير: ﴿غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾، يقول لا يتبرّجن بِوَضْع الجلباب أن يُرى ما عليها من الزينة). والتبرج: هو إظهار المرأة من محاسنها ما ينبغي لها أن تستره.
فمقصود الآية: أنْ لا يُقابل الإذنُ لقواعد النساء بِوَضْع بعض ثيابهن تخفيفًا عليهن بإبراز الزينة أو تكلف ذلك أمام الرجال، فإن ذلك ينافي الحياء والعفاف.
وقوله: ﴿وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. إرشاد للأفضل والأَوْلى، وهو تَرْكُ وضع الثياب مع وجود الجواز. قال القاسمي: ﴿وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ﴾ أي من