بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١ - ٣. قوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (٢) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (٣)﴾.
في هذه الآيات: تقديسُ الله منزل الفرقان بين الحق والباطِل، المَلِك الأحد الصمد لم يتخذ ولدًا ولا شريك له في الملك وقد أحسن كل شيء خَلقَه، والمشركون خائبون في اتخاذهم آلهة من دونه لا تملك لهم ضرًا ولا نفعًا ولا تستطيع إماتة ولا إحياء ولا نشورًا.
فقوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾.
قال الضحاك عن عبد الله بن عباس: (تبارك: تَفاعَلَ من البركة). فالمعنى كما قال ابن جرير: (يقول: تبارك الذي نَزَّلَ الفصل بين الحق والباطل، فصلًا بعد فصل، وسورة بعد سُورة، على عبده محمد - ﷺ -، ليكون محمد لجميع الجن والإنس، الذي بعثه الله إليهم داعيًا إليه، نذيرًا: يعني منذِرًا يُنذرهم عِقابه، ويخوّفهم عذابه، إن لم يوحدوه، ولم يخلصوا له العبادة، ويخلَعوا كل ما دونه من الآلهة والأوثان).
وقد وصف الله تعالى نبيّه في هذه الآية بأجمل صفة له، وهي صفة العبودية، فقوله: ﴿عَلَى عَبْدِهِ﴾ نعت مدح وثناء، لأنه أضافه إلى عبوديته جل ثناؤه. وقد تكررت هذه الصفة العطرة في القرآن، في مدح نبينا عليه الصلاة والسلام.
١ - ففي مقام الإسراء، قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ


الصفحة التالية
Icon