يوم القيامة؟ قال: أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرًا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة] (١).
وقوله: ﴿وَأَضَلُّ سَبِيلًا﴾. قال مجاهد: (طريقًا). وقال مقاتل: (أي: دينًا وطريقًا).
٣٥ - ٤٠. قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (٣٥) فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا (٣٦) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (٣٧) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (٣٨) وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (٣٩) وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا (٤٠)﴾.
في هذه الآيات: تسلية من الله تعالى لنبيه محمد - ﷺ - عما يلقاه من تكذيب قومه
وأذاهم، وتوعد لقومه أن يحل بهم ما حَلّ من نقمة الله بالأمم المكذبة المعاندة قبلهم، يقول: فلقد آتينا -يا محمد- موسى التوراة كما آتيناك الفرقان، وجعلنا معه أخاه هارون ﴿وَزِيرًا﴾ أي: مُعينًا وظهرًا. فقلنا لهما: اذهبا إلى فرعون وقومه بالبلاغ المبين، فكذبوهما فدمرناهم تدميرًا.
وكذلك قوم نوح من قبل لما واجهوا الرسل بالتكذيب والاستهزاء بالوحي أغرقناهم بالطوفان، وأعددنا لهم في الآخرة عذابًا أليمًا غير ما نزل بهم في الدنيا. وكذلك دمّرنا عادًا وثمود وأصحاب الرس (قال مجاهد: الرّس: بئر كان عليها قوم) ﴿وَقُرُونًا﴾. أي: وأممًا ﴿بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا﴾ أي: بَيْنَ أضْعاف مَنْ ذُكِرَ أهلكناهم. وكل هذه الأمم التي قَضَيْنا إهلاكها أنذرناها قبل ذلك وأعذرنا إليها بالعبر والمواعظ فأصروا على كفرهم فدمرناهم بالعذاب إبادة ومحوناهم من الوجود عبرة لغيرهم. ولقد أتى هؤلاء المشركون على آثار قرية قوم لوط فرأوا ما حلّ بهم وكفى بذلك عبرة، ولكن ليس مع قوم لا يوقنون بالعِقاب والثواب ولا يؤمنون بقيام الساعة.